Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Enquêteur
سيد إبراهيم
Maison d'édition
دار الحديث
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Lieu d'édition
القاهرة - مصر
Genres
الْمُعَظِّمُ نَفْسَهُ، نَحْنُ فَعَلْنَا كَذَا، فَهُوَ مِمَّا يَجُوزُ فِي اللُّغَةِ، وَلَمْ يَرِدْ أَنَّ فِي الْقُرْآنِ أَلْفَاظًا اسْتُعْمِلَتْ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَتْ لَهُ، وَأَنَّهَا يُفْهَمُ مِنْهَا خِلَافُ حَقَائِقِهَا، وَقَدْ تَمَسَّكَ بِكَلَامِ أَحْمَدَ هَذَا مَنْ يَنْسُبُ إِلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ فِي الْقُرْآنِ مَجَازًا كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَابْنِ عَقِيلٍ وَابْنِ الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِمْ، وَمَنَعَ آخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِهِ ذَلِكَ، كَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَامِدٍ، وَأَبِي الْحَسَنِ الْجَزَرِيِّ وَأَبِي الْفَضْلِ التَّمِيمِيِّ.
وَكَذَلِكَ أَصْحَابُ مَالِكٍ مُخْتَلِفُونَ، فَكَثِيرٌ مِنْ مُتَأَخَّرِيهِمْ يُثْبِتُ فِي الْقُرْآنِ مَجَازًا، وَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ كَابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ فَلَا يُعْرَفُ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ لَفْظَةٌ وَاحِدَةٌ.
وَقَدْ صَرَّحَ بِنَفْيِ الْمَجَازِ فِي الْقُرْآنِ مُحَمَّدُ بْنُ خُوَازِ مَنْدَادَ الْبَصْرِيُّ الْمَالِكِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَصَرَّحَ بِنَفْيِهِ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِيُّ وَابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ، وَمُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلُّوطِيُّ، وَصَنَّفَ فِي نَفْيِهِ مُصَنَّفًا، وَبَعْضُ النَّاسِ يَحْكِي فِي ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَيْنِ.
وَقَدْ أَنْكَرَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يَكُونَ فِي اللُّغَةِ مَجَازٌ بِالْكُلِّيَّةِ، كَأَبِي إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَائِينِيِّ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ: لَهُ غَوْرٌ لَمْ يَفْهَمْهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَظَنُّوا أَنَّ النِّزَاعَ لَفْظِيٌّ، وَسَنَذْكُرُ أَنَّ مَذْهَبَهُ أَسَدُّ وَأَصَحُّ عَقْلًا وَلُغَةً مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِ الْمَجَازِ، وَطَائِفَةٌ أُخْرَى غَلَتْ فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ وَادَّعَتْ أَنَّ أَكْثَرَ اللُّغَةِ مَجَازٌ، بَلْ كُلُّهَا، وَهَؤُلَاءِ أَقْبَحُ قَوْلًا وَأَبْعَدُ عَنِ الصَّوَابِ مِنْ قَوْلِ مَنْ نَفَى الْمَجَازَ بِالْكُلِّيَّةِ، بَلْ مَنْ نَفَاهُ أَسْعَدُ بِالصَّوَابِ.
[فصل القول بالمجاز قول مبتدع]
فَصْلٌ
إِذَا عُلِمَ أَنَّ تَقْسِيمَ الْأَلْفَاظِ إِلَى حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ لَيْسَ تَقْسِيمًا شَرْعِيًّا وَلَا عَقْلِيًّا وَلَا لُغَوِيًّا فَهُوَ اصْطِلَاحٌ مَحْضٌ، وَهُوَ اصْطِلَاحٌ حَدَثَ بَعْدَ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ الْمُفَضَّلَةِ بِالنَّصِّ، وَكَانَ مَنْشَؤُهُ مِنْ جِهَةِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقَهُمْ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ.
وَأَشْهَرُ ضَوَابِطِهِمْ قَوْلُهُمْ: إِنَّ الْحَقِيقَةَ هِيَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا، وَالْمَجَازُ هُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا، ثُمَّ زَادَ بَعْضُهُمْ: فِي الْعُرْفِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ التَّخَاطُبُ لِتَدَخُّلِ الْحَقَائِقِ الثَّلَاثِ وَهِيَ اللُّغَوِيَّةُ وَالشَّرْعِيَّةُ وَالْعُرْفِيَّةُ.
وَالْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: مَا تَعْنُونَ بِاللَّفْظِ سَوَاءٌ كَانَتِ اللُّغَاتُ تَوْقِيفِيَّةً كَمَا هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ النَّاسِ، أَوِ اصْطِلَاحِيَّةً، كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي هَاشِمٍ الْجَبَائِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، أَتَعْنُونَ بِهِ جَعْلَ اللَّفْظِ دَلِيلًا عَلَى الْمَعْنَى، أَمْ تَعْنُونَ بِهِ غَلَبَةَ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي الْمَعْنَى حَتَّى يَصِيرَ فِيهِ أَشْهَرَ مِنْ غَيْرِهِ، أَمْ تَعْنُونَ بِهِ مُطْلَقَ الِاسْتِعْمَالِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، كَمَا قُلْتُمْ مِنْ
1 / 287