Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Enquêteur
سيد إبراهيم
Maison d'édition
دار الحديث
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Lieu d'édition
القاهرة - مصر
Genres
وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ أَبَدٌ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَإِلَّا فَهُمْ فِي النَّارِ يَتَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ حِينَ يَقُولُونَ ﴿يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ [الزخرف: ٧٧] وَقَوْلُ الْعَرَبِ: لَا أَفْعَلُ هَذَا أَبَدًا، وَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، أَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ شَوَاهِدُهُ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ مُدَّةً مُنْقَطِعَةً، وَهِيَ أَبَدُ الْحَيَاةِ وَمُدَّةُ عُمُرِهِمْ، فَهَكَذَا الْأَبَدُ فِي الْعَذَابِ هُوَ أَبَدٌ مُدَّةَ بَقَاءِ النَّارِ وَدَوَامِهَا.
الْوَجْهُ الرَّابِعَ عَشَرَ: أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ دَارُ الشَّقَاءِ دَائِمَةً دَوَامَ دَارِ النَّعِيمِ، وَعَذَابُ أَهْلِهَا فِيهَا مُسَاوِيًا لِنَعِيمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِدَوَامِهِ لَمْ تَكُنِ الرَّحْمَةُ غَالِبَةً لِلْغَضَبِ بَلْ يَكُونُ الْغَضَبُ قَدْ غَلَبَ الرَّحْمَةَ، وَانْتِفَاءُ اللَّازِمِ يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ مَلْزُومِهِ، وَالشَّأْنُ فِي بَيَانِ الْمُلَازَمَةِ، وَأَمَّا انْتِفَاءُ اللَّازِمِ فَظَاهِرٌ، وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْمُتَّفَقُ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: " «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابٍ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ» " وَبَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الْمُعَذَّبِينَ فِي دَارِ الشَّقَاءِ أَضْعَافُ أَهْلِ النَّعِيمِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ " «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَبْعَثَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثَ النَّارِ، فَيَقُولُ: رَبِّي، وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ فَيَقُولُ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ إِلَى النَّارِ وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ " فَقَالَ الصَّحَابَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ؟ فَقَالَ: " إِنَّ مَعَكُمْ خَلِيقَتَيْنِ مَا كَانَتَا مَعَ شَيْءٍ إِلَّا كَثَّرَتَاهُ: يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ» .
فَعَلَى هَذَا أَهْلُ الْجَنَّةِ عُشْرُ عُشْرِ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّمَا دَخَلُوهَا بِالْغَضَبِ، فَلَوْ دَامَ هَذَا الْعَذَابُ دَوَامَ النَّعِيمِ وَسَاوَاهُ فِي وُجُودِهِ لَكَانَتِ الْغَلَبَةُ لِلْغَضَبِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَتِ الرَّحْمَةُ هِيَ الْغَالِبَةَ فَإِنَّ غَلَبَتَهَا تَقْتَضِي نُقْصَانَ عَدَدِ الْمُعَذَّبِينَ أَوْ مُدَّتِهِمْ.
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الْخَامِسَ عَشَرَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الدُّنْيَا مِثَالًا وَأُنْمُوذَجًا وَعِبْرَةً لِمَا أَخْبَرَ بِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَجَعَلَ آلَامَهَا وَلَذَّاتِهَا وَمَا فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ وَالْعَذَابِ وَمَا فِيهَا مِنَ الثِّمَارِ وَالْحَرِيرِ، وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنَّارِ تَذْكِرَةً وَمِثَالًا وَعِبْرَةً، لِيَسْتَدِلَّ الْعِبَادُ بِمَا شَاهَدُوهُ عَلَى مَا أُخْبِرُوا بِهِ، وَقَدْ أَنْزَلَ فِي هَذِهِ الدَّارِ رَحْمَتَهُ وَغَضَبَهُ، وَأَجْرَى عَلَيْهِمْ آثَارَ الرَّحْمَةِ وَالْغَضَبِ، وَيَسَّرَ لِأَهْلِ الرَّحْمَةِ أَسْبَابَ الرَّحْمَةِ، وَلِأَهْلِ الْغَضَبِ أَسْبَابَ الْغَضَبِ، ثُمَّ
1 / 274