Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Enquêteur
سيد إبراهيم
Maison d'édition
دار الحديث
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Lieu d'édition
القاهرة - مصر
Genres
فَلَيْسَ لِلْجَزَاءِ السَّيِّئِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ سَبَبٌ إِلَّا ذُنُوبَ الْعَبْدِ الَّتِي مِنْ نَفْسِهِ، فَالشَّرُّ كُلُّهُ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ مِنْ رَبِّهِ، فَإِنَّ أَكْثَرَهُ لَيْسَ لِلْعَبْدِ فِيهِ مَدْخَلٌ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْهِ بِهِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: " لَا يَرْجُوَنَّ عَبْدٌ إِلَّا رَبَّهُ وَلَا يَخَافَنَّ إِلَّا ذَنْبَهُ " وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ [النساء: ٧٩] فَخَصَّ بِالْخِطَابِ تَنْبِيهًا عَلَى الْأَدْنَى، وَلَمْ يُخْرِجْهُ فِي صُورَةِ الْعُمُومِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ، فَكَانَ ذِكْرُ الْخَاصِّ أَبْلَغَ فِي الْعُمُومِ وَقَصْدِهِ مِنْ ذِكْرِ الْعَامِّ، فَتَأَوَّلَهُ فَإِنَّهُ عَجِيبٌ فِي الْقُرْآنِ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ سَبَبَ الْحَسَنَاتِ كُلِّهَا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ، وَهُوَ الْغَايَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ فِعْلِهَا بِدَوَامِ سَبَبِهَا، وَأَمَّا السَّيِّئَاتُ فَسَبَبُهَا وَغَايَتُهَا مُنْقَطِعٌ هَالِكٌ فَلَا يَجِبُ دَوَامُهَا، فَتَأَمَّلْ هَذَا الْوَجْهَ فَإِنَّهُ مَنْ أَلْطَفِ الْوُجُوهِ، فَإِنَّ الْأَسْبَابَ تَضْمَحِلُّ بِاضْمِحْلَالِ غَايَاتِهَا وَتَبْطُلُ بِبُطْلَانِهَا، وَلِهَذَا كَانَ كُلُّ عَمَلٍ بَاطِلًا إِلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ، فَإِنَّ جَزَاءَهُ وَثَوَابَهُ يَدُومُ بِدَوَامِهِ، مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَأُرِيدَ بِهِ مَا يَضْمَحِلُّ وَيَفْنَى، فَإِنَّهُ يَفْنَى بِفَنَائِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان: ٢٣]، وَهَذِهِ هِيَ الْأَعْمَالُ الَّتِي كَانَتْ لِغَيْرِهِ، فَكَمَا أَنَّ مَا لَا يَكُونُ بِهِ لَا يَكُونُ، فَمَا كَانَ لِغَيْرِهِ لَا يَدُومُ، وَلِهَذَا كَانَ لِبَعْضِ حِكَمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي تَخْرِيبِ هَذَا الْعَالِمِ أَنْ يَشْهَدَ مَنْ عَبَدَ شَيْئًا غَيْرَهُ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلْعِبَادَةِ وَالْأُلُوهِيَّةِ وَيَشْهَدَ الْعَابِدُ حَالَ مَعْبُودِهِ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ النِّعَمَ تَدُومُ بِدَوَامِ سَبَبِهَا وَغَايَتِهَا، وَأَنَّ الشُّرُورَ وَالْآلَامَ تَبْطُلُ وَتَضْمَحِلُّ بِاضْمِحْلَالِ سَبَبِهَا.
فَهَذِهِ الْوُجُوهُ وَغَيْرُهَا تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِكْمَةَ وَالْمَصْلَحَةَ فِي خَلْقِ النَّارِ تَقْتَضِي بَقَاءَهَا بِبَقَاءِ السَّبَبِ وَالْحِكْمَةِ الَّتِي خُلِقَتْ لَهُ، فَإِذَا زَالَ السَّبَبُ وَحَصَلَتِ الْحِكْمَةُ عَادَ الْأَمْرُ إِلَى السَّابِقَةِ الْغَالِبَةِ الْوَاسِعَةِ.
يَزِيدُ وُضُوحًا الْوَجْهُ الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنَّ الرَّبَّ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ إِلَّا رَحِيمًا، فَرَحْمَتُهُ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ، وَلِهَذَا كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ، وَلَمْ يَكْتُبْ عَلَى نَفْسِهِ الْغَضَبَ، فَهُوَ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ رَحِيمًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ غَضْبَانَ، وَلَا أَنَّ غَضَبَهُ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ، وَلَا أَنَّهُ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الْعُقُوبَةَ وَالْغَضَبَ، وَلَا أَنَّ غَضَبَهُ يَغْلِبُ رَحْمَتَهُ وَيَسْبِقُهَا
1 / 271