Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Enquêteur
سيد إبراهيم
Maison d'édition
دار الحديث
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Lieu d'édition
القاهرة - مصر
Genres
وَلُزُومِهِ لَهُمْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ فَارَقَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَانْسَلَخُوا مِنْهُ لَمْ يُعَذَّبُوا، فَإِذَا فَارَقَهُمْ فِي النَّارِ وَانْسَلَخُوا مِنْهُ زَالَ مُوجِبُ الْعَذَابِ، فَعَمَلُ مُقْتَضَى الْفِطْرَةِ عِلْمُهُ، وَأُبْدِلُوا ذَلِكَ بِوُجُوهٍ، هَذَا أَحَدُهَا.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا يَكُونُ شَرًّا مَحْضًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، لَا خَيْرَ فِيهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ فِي الْحِكْمَةِ، بَلْ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا عَدَمًا مَحْضًا، وَالْعَدَمُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَالْوُجُودُ إِمَّا مَحْضٌ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ خَيْرٌ مَنْ وَجْهٍ وَشَرٌّ مِنْ وَجْهٍ، فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ شَرًّا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَهَذَا مُمْتَنِعٌ، وَلَكِنْ قَدْ يَظْهَرُ مَا فِيهِ مِنَ الشَّرِّ وَيَخْفَى مَا فِي خَلْقِهِ مِنَ الْخَيْرِ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ وَقَدْ سَأَلُوا عَنْ خَلْقِ هَذَا الْقِسْمِ فَقَالُوا: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٣٠] فَإِذَا كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ، مَعَ قُرْبِهِمْ مِنَ اللَّهِ وَعِلْمِهِمْ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَمَا يَجِبُ لَهُ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ، لَمْ يَعْلَمْ حِكْمَتَهُ سُبْحَانَهُ فِي خَلْقِ مَنْ يُفْسِدُ كَمَا يَعْلَمُهَا اللَّهُ، بَلْ هُوَ سُبْحَانَهُ مُتَفَرِّدٌ بِالْعِلْمِ الَّذِي لَا يَعْلَمُونَهُ، فَالْبَشَرُ أَوْلَى بِأَنْ لَا يَعْلَمُوا ذَلِكَ، فَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيِ الرَّبِّ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْهِ، فَلَا يَدْخُلُ فِي أَسْمَائِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ، وَإِنْ دَخَلَ فِي مَفْعُولَاتِهِ بِالْعَرَضِ لَا بِالذَّاتِ، وَبِالْقَصْدِ الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ دُخُولًا إِضَافِيًّا، وَأَمَّا الْخَيْرُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَمَفْعُولَاتِهِ بِالذَّاتِ وَالْقَصْدِ الْأَوَّلِ، فَالشَّرُّ إِنَّمَا يُضَافُ لَهُ مَفْعُولٌ لَا فِعْلُهُ، وَفِعْلُهُ خَيْرٌ مَحْضٌ، وَهَذَا مِنْ مَعَانِي أَسْمَائِهِ الْمُقَدَّسَةِ، كَالْقُدُّوسِ وَالسَّلَامِ وَالْمُتَكَبِّرِ، فَالْقُدُّوسُ الَّذِي تَقَدَّسَ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ، وَكَذَلِكَ السَّلَامُ، وَكَذَلِكَ الْمُتَكَبِّرُ، قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: تَكَبَّرَ عَنِ السُّوءِ وَالسَّيِّئَاتِ، فَلَا يَصْدُرُ مِنْهُ إِلَّا الْخَيْرَاتُ، وَالْخَيْرَاتُ كُلُّهَا مِنْهُ، فَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ وَيَذْهَبُ بِالسَّيِّئَاتِ، وَيُصْلِحُ الْفَاسِدَ وَلَا يُفْسِدُ الصَّالِحَ، بَلْ مَا أَفْسَدَ إِلَّا فَاسِدًا، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ الَّذِي يَبْدُو لِلنَّاسِ صَالِحًا فَهُوَ يَعْلَمُ مِنْهُ مَا لَا يَعْلَمُ عِبَادُهُ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهَا الْإِعْدَامُ وَلَوَازِمُهَا: فَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَّا الذُّنُوبَ وَمُوجِبَاتِهَا وَسَيِّئَاتِ الْأَعْمَالِ وَسَيِّئَاتِ الْجَزَاءِ، وَهِيَ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى عَدَمِ الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ وَمُوجِبَاتِهَا، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ أَرَادَ مِنْ نَفْسِهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يُوَفِّقَهُ لَهُ وَيُعِينَهُ عَلَيْهِ، فَيُوجَدُ مِنْهُ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْأُمُورِ الْوُجُودِيَّةِ مَا فِيهِ صَلَاحُهُ وَسَعَادَتُهُ، فَإِذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ خَيْرًا لَمْ يُرِدْ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يُعِينَهُ وَيُوَفِّقَهُ، فَيَبْقَى مُسْتَمِرًّا عَلَى عَدَمِ الْخَيْرِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ، فَيَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الْعَدَمِ
1 / 258