Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Enquêteur
سيد إبراهيم
Maison d'édition
دار الحديث
Édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Lieu d'édition
القاهرة - مصر
Genres
أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ يَسْأَلُهُ الْمَغْفِرَةَ وَيَقُولُ: ﴿وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [هود: ٤٧]، وَهَذَا يُونُسُ يَقُولُ: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء: ٨٧]، وَإِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ يَقُولُ: ﴿وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾ [الشعراء: ٨٢] وَيَقُولُ: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ﴾ [البقرة: ١٢٨] الْآيَةَ، وَكَلِيمُ الرَّحْمَنِ مُوسَى يَقُولُ: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾ [القصص: ١٦] وَيَقُولُ: ﴿أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ﴾ [الأعراف: ١٥٥]، وَمُحَمَّدٌ ﷺ، أَفْضَلُهُمْ وَأَكْمَلُهُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ مَا كَانَ يَسْتَغْفِرُ رَبَّهُ، وَسَأَلَهُ الصِّدِّيقُ أَنْ يُعَلِّمَهُ دُعَاءً يَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِهِ فَقَالَ: " «قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» "، وَإِذَا كَانَ هَذَا حَالُ الصِّدِّيقِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْخَلْقِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَأَفْضَلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَهُوَ يُخْبِرُ بِمَا هُوَ صَادِقٌ فِيهِ مَنْ ظُلْمِ نَفْسِهِ ظُلْمًا كَثِيرًا، فَمَا الظَّنُّ بِسِوَاهُ؟ بَلْ إِنَّمَا صَارَ صِدِّيقًا بِتَوْفِيَتِهِ هَذَا الْمَقَامَ حَقَّهُ الَّذِي يَتَضَمَّنُ مَعْرِفَةَ رَبِّهِ وَحَقِّهِ وَعَظْمَتِهِ وَجَلَالِهِ، وَمَا يَنْبَغِي لَهُ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَى عَبْدِهِ، وَمَعْرِفَةِ تَقْصِيرِهِ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ بِهِ كَمَا يَنْبَغِي، فَأَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ إِقْرَارًا هُوَ صَادِقٌ فِيهِ أَنَّهُ ظَلَمَ نَفْسَهُ ظُلْمًا كَثِيرًا وَسَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ وَيَرْحَمَهُ.
سُحْقًا وَبُعْدًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَخْلُوقَ يَسْتَغْنِي عَنْ مَغْفِرَةِ رَبِّهِ وَلَا يَكُونُ بِهِ حَاجَةٌ إِلَيْهَا، وَلَيْسَ وَرَاءَ هَذَا الْجَهْلِ بِاللَّهِ وَعَظْمَتِهِ وَحَقِّهِ غَايَةٌ.
فَصْلٌ
فَإِنْ كَثَفَ عَلَمُكَ عَنْ هَذَا وَلَمْ يَتَّسِعْ لَهُ عَقْلُكَ، فَاذْكُرِ النِّعَمَ وَمَا عَلَيْهَا مِنَ الْحُقُوقِ وَوَازِنْ بَيْنَ شُكْرِهَا وَكُفْرِهَا، فَحِينَئِذٍ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: يُنْشَرُ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةُ دَوَاوِينَ: دِيوَانٌ فِيهِ ذُنُوبُهُ، وَدِيوَانٌ فِيهِ النِّعَمُ، وَدِيوَانٌ فِيهِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ، فَيَأْمُرُ اللَّهُ تَعَالَى أَصْغَرَ نِعْمَةٍ مِنْ نِعَمِهِ فَتَقُومُ تَسْتَوْعِبُ عَمَلَهُ فِيهِ، ثُمَّ تَقُولُ: أَيْ رَبِّي، وَعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ مَا اسْتَوْعَبَتْ
1 / 249