226

Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Enquêteur

سيد إبراهيم

Maison d'édition

دار الحديث

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

القاهرة - مصر

Genres

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ ظَهَرَتِ الْحِكْمَةُ فِي إِيلَامِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِينَ، فَتَعْذِيبُ الْمُكَلَّفِينَ عَلَى ذُنُوبِهِمْ كَيْفَ تَسْتَقِيمُ الْحِكْمَةُ فِيهِ عَلَى قَوْلِكُمْ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهَا فِيهِمْ فَأَيْنَ الْعَدْلُ فِي تَعْذِيبِهِمْ عَلَى مَا هُوَ فَاعِلُهُ وَخَالِقُهُ فِيهِمْ؟ وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ وَأُصُولِهِمْ، فَإِنَّ الْعَدْلَ فِي ذَلِكَ ظَاهِرٌ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُعَذِّبُهُمْ عَلَى مَا أَحْدَثُوهُ وَكَانَ بِمَشِيئَتِهِمْ وَقُدْرَتِهِمْ.
قِيلَ: هَذَا السُّؤَالُ لَمْ يَزَلْ مُطْرَقًا بَيْنَ الْعَالَمِ، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ، فَطَائِفَةٌ أَخْرَجَتْ أَفْعَالَهُمْ عَنْ مُلْكِ الرَّبِّ وَقُدْرَتِهِ، وَطَائِفَةٌ أَنْكَرَتِ الْحِكْمَةَ وَالتَّعْلِيلَ وَسَدَّتْ بَابَ السُّؤَالِ، وَطَائِفَةٌ أَثْبَتَتْ كَسْبًا لَا يُعْقَلُ، جَعَلَتِ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ عَلَيْهِ، وَطَائِفَةٌ الْتَزَمَتْ لِأَجْلِهِ وُقُوعَ مَقْدُورٍ بَيْنَ قَادِرَيْنِ، وَمَفْعُولٍ بَيْنَ فَاعِلَيْنِ، وَطَائِفَةٌ التَّزَمَتِ الْجَبْرَ وَأَنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُهُمْ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ.
وَالْجَوَابُ الصَّحِيحُ عَنْهُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ مَا يُبْتَلَى بِهِ الْعَبْدُ مِنَ الذُّنُوبِ الْوُجُودِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ خَلْقًا لِلَّهِ تَعَالَى، فَهِيَ عُقُوبَةٌ لَهُ عَلَى ذُنُوبٍ قَبْلَهَا، فَالذَّنْبُ يُكْسِبُ الذَّنْبَ، وَمِنْ عِقَابِ السَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ بَعْدَهَا، فَالذُّنُوبُ وَالْأَمْرَاضُ الَّتِي يُورِثُ بَعْضَهَا بَعْضًا، يَبْقَى أَنْ يُقَالَ فِي الْكَلَامِ: فَالذَّنْبُ الْأَوَّلُ الْجَالِبُ لِمَا بَعْدَهُ مِنَ الذُّنُوبِ؟ فَيُقَالُ: هُوَ عُقُوبَةٌ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ مَا خُلِقَ لَهُ وَفُطِرَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَلَقَهُ لِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَفَطَرَهُ عَلَى مَحَبَّتِهِ وَتَأَلُّهِهِ وَالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: " «مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا عَلَى الْفِطْرَةِ» "، وَقَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: " إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ فَأَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا» "، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ [الروم: ٣٠]، فَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ مَا خُلِقَ لَهُ وَفُطِرَ عَلَيْهِ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَعُبُودِيَّتِهِ وَالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ، عُوقِبَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ زَيَّنَ لَهُ الشَّيْطَانُ مَا يَفْعَلُهُ مِنَ الشِّرْكِ وَالْمَعَاصِي، فَلِأَنَّهُ

1 / 241