198

Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Chercheur

سيد إبراهيم

Maison d'édition

دار الحديث

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

القاهرة - مصر

Genres

كَجُحُودِهِمْ أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ أَوْ يَعْلَمُ الْجُزَيْئَاتِ أَوْ يَقْدِرُ عَلَى إِحْدَاثِ فِعْلٍ، فَشُبُهَاتُ مُنْكِرِي الرِّسَالَةِ تَرْجِعُ إِلَى ذَلِكَ، فَمَنْ أَقَرَّ بِمَا أَرْسَلَ بِهِ رُسُلَهُ، وَأَنَّهُ عَالِمٌ مُتَكَلِّمٌ بِكُتُبِهِ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَيْهِمْ، قَادِرٌ عَلَى الْإِرْسَالِ فَقَدْ قَدَرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْهُ حَقَّ قَدْرِهِ مُطْلَقًا.
وَلَمَّا كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ قَدْ قَامُوا فِي ذَلِكَ بِحَسْبِ قُدْرَتِهِمْ وَطَاقَتِهِمُ الَّتِي أَعَانَهُمْ بِهَا، وَوَفَّقَهُمْ بِهَا لِمَعْرِفَتِهِ وَعِبَادَتِهِ وَتَعْظِيمِهِ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْهُمْ هَذَا الْوَصْفُ، فَإِنَّ التَّعْظِيمَ لَهُ سُبْحَانَهُ بِالْمَعْرِفَةِ وَالْعِبَادَةِ، وَوَصْفُهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ قَدْ أَمَرَ بِهِ عِبَادَهُ، وَأَعَانَهُمْ عَلَيْهِ وَرَضِيَ مِنْهُمْ بِمَا قَدَرُوهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَقْدُرُونَهُ حَقَّ قَدْرِهِ، وَلَا يَقْدُرُ أَحَدٌ مِنَ الْعِبَادِ قَدْرَهُ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَتِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ فِي يَدِهِ كَالْخَرْدَلَةِ فِي يَدِ أَحَدِنَا، وَالْأَرَضُونَ السَّبْعُ فِي يَدِهِ الْأُخْرَى كَذَلِكَ، فَكَيْفَ يَقْدُرُهُ حَقَّ قَدْرِهِ مَنْ عَبَدَ مَعَهُ غَيْرَهُ وَجَعَلَ لَهُ نِدًّا، وَأَنْكَرَ صِفَاتَهُ وَأَفْعَالَهُ؟ بَلْ كَيْفَ يَقْدُرُهُ حَقَّ قَدْرِهِ مَنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ لَهُ يَدَانِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَقْبِضَ بِهِمَا شَيْئًا؟ فَلَا يَدَ عِنْدَ الْمُعَطِّلَةِ وَلَا قَبْضَ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَجَازٌ.
وَقَدْ شَرَحَ تَعَالَى لِعِبَادِهِ ذِكْرَ هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ: الْعَلِيِّ، الْعَظِيمِ، فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ، «لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ [الواقعة: ٧٤] قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: " اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ "، فَلَمَّا نَزَلَتْ: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١] قَالَ: " اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ» " فَهُوَ سُبْحَانُهُ كَثِيرًا مَا يَقْرِنُ فِي وَصْفِهِ بَيْنَ هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ، كَقَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ [البقرة: ٢٥٥]، وَقَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [سبأ: ٢٣]، وَقَوْلِهِ: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ﴾ [الرعد: ٩] ثَبَتَ بِذَلِكَ عُلُوُّهُ عَلَى الْمَخْلُوقَاتِ وَعَظَمَتُهُ، وَالْعُلُوُّ رِفْعَتُهُ، وَالْعَظَمَةُ قَدْرُهُ ذَاتًا وَوَصْفًا.
[نفي الشبيه ليس في نفسه مدح]
الْخَمْسُونَ: أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُعَارِضِينَ بَيْنَ الْوَحْيِ وَالْعَقْلِ إِنَّمَا يُدَلِّلُونَ بِنَفْيِ التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ وَيَجْعَلُونَهُ جُنَّةً لِتَعْطِيلِهِمْ، فَأَنْكَرُوا عُلُوَّهُ وَكَلَامَهُ وَتَكْلِيمَهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَخْبَرَ بِهِ رَسُولَهُ ﷺ حَتَّى آلَ ذَلِكَ بِبَعْضِهِمْ إِلَى نَفْيِ ذَاتِهِ وَمَاهِيَّتِهِ

1 / 213