188

Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Chercheur

سيد إبراهيم

Maison d'édition

دار الحديث

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

القاهرة - مصر

Genres

أَتُعْنُونَ بِهِ الْعُلُوَّ عَلَى الْعَالَمِ وَالِاسْتِوَاءَ عَلَى الْعَرْشِ، وَهَذَا حَاصِلُ قَوْلِكُمْ؟ وَحِينَئِذٍ فَمَا زِدْتُمْ عَلَى إِبْطَالِ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى الَّتِي اتَّحَدَ فِيهَا اللَّازِمُ وَالْمَلْزُومُ بِتَقْرِيرِ الْعِبَارَةِ، وَكَأَنَّكُمْ قُلْتُمْ: لَوْ كَانَ فَوْقَ الْعَالَمِ مُسْتَوِيًا عَلَى عَرْشِهِ لَكَانَ فَوْقَ الْعَالَمِ، وَلَكِنَّكُمْ لَبَّسْتُمْ وَأَوْهَمْتُمْ.
وَإِنْ عَنَيْتُمْ بِالْجِسْمِ الْمُرَكَّبِ مِنَ الْجَوَاهِرِ الْفَرْدَةِ، فَجُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ يُنَازِعُونَكُمْ فِي إِثْبَاتِ الْجَوَاهِرِ الْفَرْدَةِ فَضْلًا عَنْ تَرْكِيبِ الْأَجْسَامِ مِنْ ذَلِكَ، فَأَنْتُمْ أَبْطَلْتُمْ هَذَا التَّرْكِيبَ الَّذِي تَدَّعِيهِ الْفَلَاسِفَةُ، وَهُمْ أَبْطَلُوا التَّرْكِيبَ الَّذِي تَدْعُونَهُ مِنَ الْجَوَاهِرِ الْفَرْدَةِ، وَجُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ أَبْطَلُوا هَذَا وَهَذَا، فَإِنْ كَانَ هَذَا غَيْرَ لَازِمٍ فِي الْأَجْسَامِ الْمَحْسُوسَةِ الْمُشَاهَدَةِ، بَلْ هُوَ بَاطِلٌ فَكَيْفَ يُدْعَى لُزُومُهُ فِيمَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ عَنَيْتُمْ بِالتَّجْسِيمِ تَمَيُّزَ شَيْءٍ مِنْهُ عَنْ شَيْءٍ قِيلَ لَكُمْ: انْفَصِلُوا أَوَّلًا عَنْ قَوْلِ نُفَاةِ الصِّفَاتِ: لَوْ كَانَ لَهُ سَمْعٌ وَبَصَرٌ وَحَيَاةٌ وَقُدْرَةٌ لَزِمَ أَنْ يَتَمَىزَ مِنْهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ، وَذَلِكَ عَيْنُ التَّجْسِيمِ، فَإِذَا انْفَصَلْتُمْ عَنْهُ أَجَبْنَاكُمْ بِمَا تُجِيبُونَهُمْ بِهِ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا الْجَوَابَ مِنَّا، قُلْنَا لَكُمْ: إِنَّمَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى إِثْبَاتِ إِلَهٍ قَدِيمٍ عَنِيَ بِنَفْيِهِ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ، وَكُلُّ مَا سِوَاهُ فَقِيرٌ إِلَيْهِ، وَكُلُّ أَحَدٍ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ، وَلَيْسَ مُحْتَاجًا إِلَى أَحَدٍ، وَوُجُودُ كُلِّ أَحَدٍ يُسْتَفَادُ مِنْهُ، وَوُجُودُهُ لَيْسَ مُسْتَفَادًا مِنْ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَقُمِ الدَّلِيلُ عَلَى اسْتِحَالَةِ تَكَثُّرِ أَوْصَافِ كَمَالِهِ وَتَعَدُّدِ أَسْمَائِهِ الدَّالَّةِ عَلَى صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، بَلْ هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَرَبٌّ وَاحِدٌ، وَإِنْ تَكَثَّرَتْ أَوْصَافُهُ وَتَعَدَّدَتْ أَسْمَاؤُهُ.
[فصل اتفاق الحكماء مع السلف على علو الله]
فَصْلٌ
أَخْبَرُ النَّاسِ بِمَقَالَاتِ الْفَلَاسِفَةِ قَدْ حَكَى اتِّفَاقَ الْحُكَمَاءِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ وَالْمَلَائِكَةَ فِي السَّمَاءِ كَمَا اتَّفَقَتْ عَلَى ذَلِكَ الشَّرَائِعُ، وَوَرَدَ ذَلِكَ بِطْرِيقٍ عَقْلِيٍّ مِنْ جِنْسِ تَقْرِيرِ ابْنِ كُلَّابٍ، وَالْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ وَأَبِي الْعَبَّاسِ الْقَلَانِسِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ، وَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ، وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ الزَّاغُونِيِّ، وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يَقُولُ بِأَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَرْشِ وَلَيْسَ مُجَسِّمٌ، قَالَ هَؤُلَاءِ: وَإِثْبَاتُ صِفَةِ الْعُلُوِّ وَالْفَوْقِيَّةِ لَهُ سُبْحَانَهُ لَا يُوجِبُ الْجِسْمِيَّةَ، بَلْ وَلَا إِثْبَاتَ الْمَكَانِ، وَبَنَى الْفَلَاسِفَةُ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ الْمَكَانَ هُوَ السَّطْحُ الْبَاطِنُ مِنَ الْجِسْمِ الْحَاوِي الْمُلَاقِي لِلسَّطْحِ الظَّاهِرِ مِنْ جِسْمِ الْمَحْوِي، فَكَانَ الْإِنْسَانُ عِنْدَهُمْ هُوَ بَاطِنُ الْهَوَاءِ الْمُحِيطِ بِهِ، وَكُلُّ سَطْحٍ بَاطِنٍ فَهُوَ مَكَانٌ لِلسَّطْحِ الظَّاهِرِ مِمَّا يُلَاقِيهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ وَرَاءَ الْأَجْسَامِ سَطْحُ جِسْمٍ بَاطِنٍ يَحْوِي شَيْئًا ; فَلَا مَكَانَ

1 / 203