Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Chercheur
سيد إبراهيم
Maison d'édition
دار الحديث
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Lieu d'édition
القاهرة - مصر
Genres
وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ رَبَّهُ بِهَذِهِ الطَّرِيقِ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا بِهِ وَلَا بِمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُهُ، وَهَذَا يَقُولُهُ الْجَهْمِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَمُتَأَخِّرُو الْأَشْعَرِيَّةِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالصُّوفِيَّةِ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: لَيْسَ الْإِيمَانُ مَوْقُوفًا عَلَيْهَا وَلَا هِيَ مِنْ لَوَازِمِهِ، وَلَيْسَتْ طَرِيقُ الرُّسُلِ، وَيَحْرُمُ سُلُوكُهَا لِمَا فِيهَا مِنَ الْخَطَرِ وَالتَّطْوِيلِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَقَدْ بُطْلَانُهَا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رِسَالَتِهِ إِلَى أَهْلِ الثَّغْرِ، وَبَيَّنَ أَنَّهَا طَرِيقٌ خَطِرَةٌ مَذْمُومَةٌ مُحَرَّمَةٌ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ بَاطِلَةٍ، وَوَافَقَهُ عَلَى هَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: بَلْ هِيَ طَرِيقٌ فِي نَفْسِهَا مُتَنَاقِضَةٌ مُسْتَلْزَمَةٌ لِتَكْذِيبِ الرَّسُولِ لَا يَتِمُّ سُلُوكُهَا إِلَّا بِنَفْيِ مَا أَثْبَتَهُ، وَهِيَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِنَفْيِ الصَّانِعِ بِالْكُلِّيَّةِ، كَمَا هِيَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِنَفْيِ صِفَاتِهِ وَنَفْيِ أَفْعَالِهِ، وَهِيَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِنَفْيِ الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ، فَإِنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَ لَا تَتِمُّ لَا بِنَفْيِ سَمْعِ الرَّبِّ وَبَصَرِهِ وَقُدْرَتِهِ وَحَيَاتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَكَلَامِهِ، فَضْلًا عَنْ نَفْيِ عُلُوِّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَنَفْيِ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا، وَلَا تَتِمُّ إِلَّا بِنَفْيِ أَفْعَالِهِ جُمْلَةً وَأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا الْبَتَّةَ، إِذْ لَمْ يَقُمْ بِهِ فِعْلُ فَاعِلٍ، وَفَاعِلٌ بِلَا فِعْلٍ مُحَالٌ فِي بَدَائِهِ الْعُقُولِ، فَلَوْ صَحَّتْ هَذِهِ الطَّرِيقُ نَفَتِ الصَّانِعَ وَأَفْعَالَهُ وَصِفَاتَهُ وَكَلَامَهُ وَخَلْقَهُ لِلْعَالَمِ وَتَدْبِيرَهُ لَهُ، وَمَا يُثْبِتُهُ أَصْحَابُ هَذِهِ الطَّرِيقِ مِنْ ذَلِكَ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، بَلْ هُوَ لَفْظٌ لَا مَعْنَى لَهُ، فَأَنْتُمْ تُثْبِتُونَ ذَلِكَ وَتَصْرُخُونَ بِنَفْيِ لَوَازِمِهِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي لَا عَيْبَ فِيهَا وَفِي لُزُومِهَا، وَتُثْبِتُونَ مَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ، بَلْ يُخَالِفُ الْعُقُولَ، كَمَا تَنْفُونَ مَا يَدُلُّ الْعَقْلُ الصَّرِيحُ عَلَى إِثْبَاتِهِ، وَلَوَازِمِهِ الْبَاطِلَةِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ لَازِمٍ، بَلْ لَا يُحْصَى بِكُلْفَةٍ.
فَأَوَّلُ لَوَازِمِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ نَفْيُ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ، وَنَفْيُ الْعُلُوِّ وَالْكَلَامِ، وَنَفْيُ الرُّؤْيَةِ، وَمِنْ لَوَازِمِهَا الْقَوْلُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، وَبِهَذِهِ الطَّرِيقِ اسْتَجَازُوا ضَرْبَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لَمَّا قَالَ بِمَا يُخَالِفُهَا مِنْ إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَتَكَلُّمِ اللَّهِ بِالْقُرْآنِ وَرُؤْيَتِهِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَكَانَ أَرْبَابُ هَذِهِ الطَّرِيقِ هُمُ الْمُسْتَوْلِينَ عَلَى الْخَلِيفَةِ، فَقَالُوا لَهُ: اضْرِبْ عُنُقَهُ، فَإِنَّهُ كَافِرٌ مُشَبِّهٌ مُجَسِّمٌ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ إِنْ قَتَلْتَهُ ثَارَتْ عَلَيْكَ الْعَامَّةُ، فَأَمْسَكَ عَنْ قَتْلِهِ بَعْدَ الضَّرْبِ الشَّدِيدِ.
وَمِنْ لَوَازِمِهِ أَنَّ الرَّبَّ كَانَ مُعَطَّلًا عَنِ الْفِعْلِ مِنَ الْأَزَلِ وَالْفِعْلُ مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ انْقَلَبَ مِنَ الِامْتِنَاعِ الذَّاتِيِّ إِلَى الْإِمْكَانِ الذَّاتِيِّ بِدُونِ مُوجِبٍ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ دُونَ مَا قَبْلَهُ، وَهَذَا مِمَّا أَغْرَى الْفَلَاسِفَةُ بِالْقَوْلِ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَرَأَوْا أَنَّهُ خَيْرٌ مِنَ الْقَوْلِ بِذَلِكَ، بَلْ حَقِيقَةُ هَذَا
1 / 194