177

Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Chercheur

سيد إبراهيم

Maison d'édition

دار الحديث

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

القاهرة - مصر

Genres

الضَّلَالِ، وَتَعْرِيضُهُمْ لِاعْتِقَادِ الْبَاطِلِ وَالْمُحَالِ، وَإِنَّ الْعِبَادَ مُقَصِّرُونَ غَايَةَ التَّقْصِيرِ إِذَا حَمَلُوا كَلَامَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَنَطَقُوا بِمَضْمُونِ مَا أَخْبَرَ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَشُكُّوا فِي ذَلِكَ، أَوْ قَدْ يَكُونُ فِي الْعَقْلِ مَا يُعَارِضُهُ وَيُنَاقِضُهُ، وَإِنَّ غَايَةَ مَا يُمْكِنُ بِكَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ عَلَيْهِ مِنَ الْجُزْئِيَّاتِ مَا كَانَ مِثْلَ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ عَلَى قِلَّةِ جَبَلٍ قَافٍ غُرَابًا صِفَتُهُ كَيْتٌ وَكَيْتٌ، أَوْ عَلَى مَسْأَلَةِ الْإِجْمَاعِ وَخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَإِنَّ مُقَدِّمَاتِ أَدِلَّةِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ وَلَا مُتَيَقَّنَةِ الصِّحَّةِ، وَمُقَدِّمَاتُ أَدِلَّةِ أَرِسْطُو صَاحِبُ الْمَنْطِقِ وَالْفَارَابِيُّ وَابْنُ سِينَا وَإِخْوَانُهُمْ قَطْعِيَّةٌ مَعْلُومَةُ الصِّحَّةِ، وَإِنَّهُ لَا طَرِيقَ لَنَا إِلَى الْعِلْمِ بِصِحَّةِ الْأَدِلَّةِ فِي بَابِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ الْبَتَّةَ، لِتَوَقُّفِهَا عَلَى انْتِفَاءِ مَا لَا طَرِيقَ لَنَا إِلَى الْعِلْمِ بِانْتِفَائِهِ، وَأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِكَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي ذَلِكَ فَضْلَةٌ لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهَا، بَلْ هِيَ مُسْتَغْنًى عَنْهَا إِذَا كَانَ مُوَافِقًا لِلْعَقْلِ.
فَتَأَمَّلْ عَلَى الْبِنَاءِ الَّذِي بَنَوْهُ، هَلْ فِي قَوَاعِدِ الْإِلْحَادِ أَعْظَمُ هَدْمًا مِنْهُ لِقَوَاعِدِ الدِّينِ، وَأَشَدُّ مُنَاقَضَةً مِنْهُ لِوَحْيِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؟ وَبُطْلَانُ هَذَا الْأَصْلِ مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ جَمِيعِ الرُّسُلِ ; وَعِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْمِلَلِ.
وَهَذِهِ الْوُجُوهُ الْمُتَقَدِّمَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا هِيَ قَلِيلٌ مِنْ كَثِيرٍ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِهِ، وَمَقْصُودُنَا مِنْ ذِكْرِهِ اعْتِرَافُهُمْ بِهِ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَا بِإِلْزَامِنَا لَهُمْ بِهِ وَتَمَامُ إِبْطَالِهِ أَنْ نُبَيِّنَ فَسَادَ كُلَّ مُقَدِّمَةٍ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الدَّلِيلِ الَّذِي عَارَضُوا بِهِ النَّقْلَ أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِلْعَقْلِ كَمَا هِيَ مُنَاقِضَةٌ لِلْوَحْيِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّ السَّمْعَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ ; وَكَذَلِكَ الْعَقْلُ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ أَقَامَ عَلَيْهِمْ حُجَّتَهُ بِمَا رَكَّبَهُ فِيهِمْ مِنَ الْعَقْلِ، وَأَنَّ مَا أَنْزَلَ إِلَيْهِمْ مِنَ السَّمْعِ مَا لَا يَدْفَعُهُ الْعَقْلُ، فَإِنَّ الْعَقْلَ الصَّرِيحَ لَا يَتَنَاقَضُ فِي نَفْيِهِ، كَمَا أَنَّ السَّمْعَ الصَّحِيحَ لَا يَتَنَاقَضُ فِي نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ الْعَقْلُ مَعَ السَّمْعِ، فَحُجَجُ اللَّهِ وَبَيِّنَتُهُ لَا تَتَنَاقَضُ وَلَا تَتَعَارَضُ وَلَكِنْ تَتَوَافَقُ وَتَتَعَاضَدُ، وَأَنْتَ لَا تَجِدُ سَمْعًا صَحِيحًا عَارَضَهُ مَعْقُولٌ مَقْبُولٌ عِنْدَ كَافَّةِ الْعُقَلَاءِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ، بَلِ الْعَقْلُ الصَّرِيحُ يَدْفَعُ الْمَعْقُولَ الْمُعَارِضَ لِلسَّمْعِ الصَّحِيحِ، وَهَذَا يَظْهَرُ بِالِامْتِحَانِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ عُورِضَ فِيهَا السَّمْعُ بِالْمَعْقُولِ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ مِثَالًا وَاحِدًا يُعْلَمُ بِهِ مَا عَدَاهُ فَنَقُولُ: قَالَتِ الْفِرْقَةُ الْجَامِعَةُ بَيْنَ التَّجَهُّمِ وَنَفْيِ الْقَدَرِ، مُعَطِّلَةُ الصِّفَاتِ: صِدْقُ الرَّسُولِ مَوْقُوفٌ عَلَى قِيَامِ الْمُعْجِزَةِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِ، وَقِيَامُ الْمُعْجِزَةِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِ

1 / 192