168

Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Chercheur

سيد إبراهيم

Maison d'édition

دار الحديث

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

القاهرة - مصر

Genres

فَهُوَ مَوْضِعُ الِاسْتِعَارَةِ وَالْمَجَازِ وَالتَّوَسُّعِ فِي الْكَلَامِ، وَلَا يَشُكُّ فِي ذَلِكَ اثْنَانِ مِنْ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ، وَلَا تَلْبِيسَ عَلَى ذِي مَعْرِفَةٍ فِي لُغَتِهِمْ، كَمَا تَلْتَبِسُ فِي تِلْكَ الْأَمْثِلَةِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَمْثِلَةَ لَا يَقَعُ شُبْهَةٌ أَنَّهَا مُسْتَعَارَةٌ مَجَازِيَّةٌ، كَذَلِكَ فِي تِلْكَ لَا يَقَعُ شُبْهَةٌ فِي أَنَّهَا لَيْسَتِ اسْتِعَارِيَّةً وَلَا مَجَازِيَّةً، وَلَا يُرَادُ فِيهَا شَيْءٌ غَيْرَ الظَّاهِرِ.
ثُمَّ هَبْ أَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا مَوْجُودَةٌ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ، فَأَيْنَ التَّوْكِيدُ وَالْعِبَارَةُ الْمُشِيرَةُ بِالتَّصْرِيحِ إِلَى التَّوْحِيدِ الْمَحْضِ الَّذِي يَدْعُو إِلَيْهِ حَقِيقَةُ هَذَا الدِّينِ الْمُعْتَرَفِ بِجَلَالَتِهِ عَلَى لِسَانِ حُكَمَاءِ الْعَالَمِ قَاطِبَةً؟ .
ثُمَّ قَالَ فِي ضِمْنِ كَلَامِهِ: إِنَّ الشَّرِيعَةَ الْجَائِيَةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّنَا جَاءَتْ أَفْضَلَ مَا يُمْكِنُ أَنْ تَجِيءَ بِمِثْلِهِ الشَّرَائِعُ وَأَكْمَلَهُ، وَلِهَذَا صَلَحَتْ أَنْ تَكُونَ خَاتِمَةَ الشَّرَائِعِ وَآخِرَ الْمِلَلِ، قَالَ: وَأَيْنَ الْإِشَارَةُ إِلَى الدَّقِيقِ مِنَ الْمَعَانِي الْمُيَسَّرَةِ إِلَى عِلْمِ التَّوْحِيدِ، مِثْلَ إِنَّهُ عَالِمٌ بِالذَّاتِ، أَوْ عَالِمٌ بِعِلْمٍ، قَادِرٌ بِالذَّاتِ، أَوْ قَادِرٌ بِقُدْرَةٍ، وَاحِدٌ بِالذَّاتِ عَلَى كَثْرَةِ الْأَوْصَافِ أَوْ قَابِلٌ لِلْكَثْرَةِ، تَعَالَى عَنْهَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، مُتَحَيِّزُ الذَّاتِ أَوْ مُنَزَّهٌ عَنِ الْجِهَاتِ، فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَعَانِي وَاجِبًا تَحَقُّقُهَا، وَإِتْقَانُ الْمَذْهَبِ بِالْحَقِّ فِيهَا، أَوْ يَسَعُ الصُّدُوفُ عَنْهَا وَإِغْفَالُ الْبَحْثِ وَالرَّوِيَّةِ فِيهَا، فَإِنْ كَانَ الْبَحْثُ فِيهَا مَعْفُوًّا عَنْهُ وَغَلَطُ الِاعْتِقَادِ الْوَاقِعِ فِيهَا غَيْرُ مَأْخُوذٍ بِهِ، فَجُلُّ مَذْهَبِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمُخَاطَبِينَ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ تَكَلُّفٌ وَعَنْهُ غُنْيَةٌ، وَإِنْ كَانَ فَرْضًا مُحْكَمًا فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ بِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرِيعَةِ، وَلَيْسَ التَّصْرِيحُ الْمُعَمَّى أَوِ الْمُلَبَّسِ أَوِ الْمُقْتَصِرِ بِالْإِشَارَةِ وَالْإِيمَاءِ، بَلِ التَّصْرِيحُ الْمُسْتَقْصَى فِيهِ وَالْمُنَبَّهُ عَلَيْهِ وَالْمُوَفَّى حَقَّ الْبَيَانِ وَالْإِيضَاحِ وَالتَّعْرِيفِ عَلَى مَعَانِيهِ، فَإِنَّ الْمُبْرِزِينَ الْمُنْفِقِينَ أَيَّامَهُمْ وَلَيَالِيَهُمْ وَسَاعَاتِ عُمُرِهِمْ عَلَى تَمْرِينِ أَذْهَانِهِمْ وَتَذْكِيَةِ أَفْهَامِهِمْ وَتَرْشِيحِ نُفُوسِهِمْ لِسُرْعَةِ الْوُقُوفِ عَلَى الْمَعَانِي الْغَامِضَةِ يَحْتَاجُونَ فِي تَفَهُّمِ هَذِهِ الْمَعَانِي إِلَى فَضْلٍ وَشَرْحِ عِبَادَةٍ فَكَيْفَ وَغُتْمُ الْعِبْرَانِيِّينَ وَأَهْلِ الْوَبَرِ مِنَ الْعَرَبِ؟ لَعَمْرِي لَوْ كَلَّفَ اللَّهُ رَسُولًا مِنَ الرُّسُلِ أَنْ يُلْقِيَ حَقَائِقَ هَذِهِ الْأُمُورِ إِلَى الْجُمْهُورِ مِنَ الْعَامَّةِ الْغَلِيظَةِ طِبَاعُهُمْ، الْمُنْغَلِقَةِ بِالْمَحْسُوسَاتِ الصِّرْفَةِ أَوْهَامُهُمْ، ثُمَّ سَامَهُ أَنْ يَسْتَنْجِزَ مِنْهُمُ الْإِيمَانَ وَالْإِجَابَةَ غَيْرَ مُتَمَهِّلٍ فِيهِ، وَسَامَهُ أَنْ يَتَوَلَّى رِيَاضَةَ نُفُوسِ النَّاسِ قَاطِبَةً حَتَّى تَسْتَعِدَّ لِلْوُقُوفِ عَلَيْهَا، لِكَلَّفَهُ شَطَطًا، وَأَنْ يَفْعَلَ مَا لَيْسَ فِي قُوَّةِ الْبَشَرِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ تُدْرِكَهُمْ حَالَةٌ إِلَهِيَّةٌ، وَقُوَّةٌ عُلْوِيَّةٌ، وَإِلْهَامٌ سَمَاوِيٌّ، فَتَكُونُ حِينَئِذٍ وَسَاطَةُ الرَّسُولِ مُسْتَغْنًى عَنْهَا وَتَبْلِيغُهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ.

1 / 183