Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Chercheur
سيد إبراهيم
Maison d'édition
دار الحديث
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Lieu d'édition
القاهرة - مصر
Genres
نَفْسُهُ النَّاطِقَةُ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ مَرَّةٍ، وَكُلُّ لَحْظَةٍ تَذْهَبُ رُوحُهُ وَتُفَارِقُهُ وَتَحْدُثُ لَهُ رُوحٌ أُخْرَى غَيْرُهَا أَبَدًا، وَمَا أَقَامُوا مِنَ الشُّبَهِ عَلَى أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَالْجِبَالَ وَالْبِحَارَ تَتَبَدَّلُ كُلَّ لَحْظَةٍ وَيَخْلُفُهَا غَيْرُهَا، وَمَا أَقَامُوا مِنَ الشُّبَهِ عَلَى أَنَّ رُوحَ الْإِنْسَانِ لَيْسَتْ فِيهِ وَلَا خَارِجَةً عَنْهُ، وَزَعَمُوا أَنَّ هَذَا أَصَحُّ الْمَذَاهِبِ فِي الرُّوحِ، وَمَا أَقَامُوا مِنَ الشُّبَهِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا انْتَقَلَ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ لَمْ يَمُرَّ عَلَى تِلْكَ الْأَمْكِنَةِ الْأُخْرَى الَّتِي مِنْ مَبْدَأِ حَرَكَتِهَا وَنِهَايَتِهَا وَلَا قَطَعَهَا وَلَا حَاذَاهَا، وَهِيَ مَسْأَلَةُ طَفْرَةِ النَّظَّامِ؟ وَأَضْعَافُ أَضْعَافِ ذَلِكَ.
وَهَؤُلَاءِ طَائِفَةُ الْمَلَاحِدَةِ مِنَ الِاتِّحَادِيَّةِ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ ذَاتَ الْخَالِقِ هِيَ عَيْنُ ذَاتِ الْمَخْلُوقِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا الْبَتَّةَ، دِهَانُ الِاثْنَيْنِ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا الْحِسُّ وَالْوَهْمُ يَغْلَطُ فِي التَّعَدُّدِ وَيُقِيمُونَ عَلَى ذَلِكَ شُبُهًا كَثِيرَةً قَدْ نَظَمَهَا ابْنُ الْفَارِضِ فِي قَصِيدَتِهِ، وَذَكَرَهَا صَاحِبُ الْفُتُوحَاتِ فِي فُصُوصِهِ وَغَيْرِهَا، وَهَذِهِ الشُّبَهُ كُلُّهَا مِنْ وَادٍ وَاحِدٍ، وَهِيَ خَزَنَةُ الْوَسَاوِسِ، وَلَوْ لَمْ نَجْزِمْ بِمَا عَلِمْنَاهُ إِلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِرَدِّ تِلْكَ الشُّبَهَاتِ لَمْ يَثْبُتْ لَنَا عِلْمٌ أَبَدًا، فَالْعَاقِلُ إِذَا عَلِمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ صَادِقٌ عَلِمَ أَنَّ كُلَّ مَا عَارَضَهُ فَهُوَ كَذِبٌ، وَلَمْ يَحْتَجْ لِأَنْ يَعْرِفَ أَعْيَانَ الْأَخْبَارِ الْمُعَارِضَةِ لَهُ وَلَا وُجُوهَهَا، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
الْوَجْهُ الْأَرْبَعُونَ: أَنَّ الطَّرِيقَ الَّتِي سَلَكَهَا نُفَاةُ الصِّفَاتِ وَالْعُلُوِّ وَالتَّكَلُّمِ مِنْ مُعَارَضَةِ النُّصُوصِ الْإِلَهِيَّةِ بِآرَائِهِمْ هِيَ بِعَيْنِهَا الطَّرِيقُ الَّتِي سَلَكَهَا إِخْوَانُهُمْ مِنَ الْمَلَاحِدَةِ فِي مُعَارَضَةِ نُصُوصِ الْمَعَادِ بِآرَائِهِمْ وَعُقُولِهِمْ وَمُقَدِّمَاتِهَا، ثُمَّ نَقَلُوهَا بِعَيْنِهَا إِلَى مَا أُمِرُوا بِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالصِّيَامِ، فَجَعَلُوهَا لِلْعَامَّةِ دُونَ الْخَاصَّةِ، فَآلَ الْأَمْرُ بِهِمْ إِلَى أَنْ أَلْحَدُوا فِي الْأُصُولِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي اتَّفَقَ عَلَيْهَا جَمِيعُ الْمَلَلِ وَجَاءَتْ بِهَا جَمِيعُ الرُّسُلِ، وَهِيَ: الْإِيمَانُ بِاللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: ٦٢] .
فَهَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةُ يَحْتَجُّونَ عَلَى نُفَاةِ الصِّفَاتِ بِمَا وَافَقَهُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْإِعْرَاضِ عَنْ نُصُوصِ الْوَحْيِ وَنَفْيِ الصِّفَاتِ، كَمَا ذَكَرَ ابْنُ سِينَا فِي رِسَالَتِهِ الْأَضْحَوِيَّةِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا لَمَّا ذَكَرَ حُجَّةَ مَنْ أَثْبَتَ مَعَادَ الْبَدَنِ، وَأَنَّ الدَّاعِيَ لَهُمْ إِلَى ذَلِكَ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مَنْ بَعْثِ الْأَمْوَاتِ، فَقَالَ: وَأَمَّا أَمْرُ الشَّرْعِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ فِيهِ قَانُونٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّ
1 / 181