Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

Ibn Mawsili d. 774 AH
150

Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Chercheur

سيد إبراهيم

Maison d'édition

دار الحديث

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

القاهرة - مصر

Genres

لِلْمُشْرِكِينَ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الْمَثَلَ الْأَعْلَى الْمُتَضَمِّنَ لِإِثْبَاتِ الْكَمَالَاتِ كُلُّهَا لَهُ وَحْدَهُ، وَبِهَذَا كَانَ الْمَثَلُ الْأَعْلَى، وَهُوَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ، أَيْ أَعْلَى مِنْ غَيْرِهِ، فَكَيْفَ يَكُونُ أَعْلَى عَدَمٌ مَحْضٌ مَنْفِيٌّ صِرْفٌ، وَأَيُّ مَثَلٍ أَدْنَى مِنْ هَذَا، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِ الْمُعَطِّلِينَ عُلُوًّا كَبِيرًا، السُّوءُ الْعَادِمُ صِفَاتُ الْكَمَالِ، وَلِهَذَا جَعَلَهُ مِثْلَ الْجَاحِدِينَ لِتَوْحِيدِهِ وَكَلَامِهِ وَحِكْمَتِهِ، لِأَنَّهُمْ فَقَدُوا الصِّفَاتِ الَّتِي مَنِ اتَّصَفَ بِهَا كَانَ كَامِلًا، وَهِيَ: الْإِيمَانُ وَالْعِلْمُ وَالْمَعْرِفَةُ وَالْيَقِينُ وَالْإِخْلَاصُ وَالْعِبَادَةُ لِلَّهِ، وَالْإِقْبَالُ عَلَيْهِ وَالْإِنَابَةُ إِلَيْهِ، وَالزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا وَالرَّغْبَةُ فِي الْآخِرَةِ، وَالصَّبْرُ وَالرِّضَى وَالشُّكْرُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِي مَنِ اتَّصَفَ بِهَا كَانَ مِمَّنْ آمَنَ بِالْآخِرَةِ، فَلَمَّا سُلِبَتْ تِلْكَ الصِّفَاتُ عَنْهُمْ، وَهِيَ صِفَاتُ كَمَالٍ كَانَ لَهُمْ مَثَلُ السَّوْءِ، فَمَنْ سَلَبَ صِفَاتِ الْكَمَالِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعُلُوَّهُ عَلَى خَلْقِهِ وَكَلَامَهُ وَعِلْمَهُ وَقُدْرَتَهُ وَسَائِرَ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، فَقَدْ جَعَلَ لِلَّهِ تَعَالَى مَثَلَ السَّوْءِ، وَنَزَّهَهُ عَنِ الْمَثَلِ الْأَعْلَى، وَأَنَّ مَثَلَ السَّوْءِ هُوَ أَوَّلُ مَا يَسْتَلْزِمُهُ، وَضِدُّهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى، وَهُوَ الْكَمَالُ الْمُطْلَقُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْأُمُورِ الْوُجُودِيَّةِ وَالْمَعَانِي الثُّبُوتِيُّةِ الَّتِي كُلَّمَا كَانَتْ أَكْثَرَ فِي الْمَوْصُوفِ وَأَكْمَلَ كَانَ أَعْلَى مِنْ غَيْرِهِ. وَلَمَّا كَانَ الرَّبُّ هُوَ الْأَعْلَى، وَوَجْهُهُ الْأَعْلَى، وَكَلَامُهُ الْأَعْلَى، وَسَمْعُهُ الْأَعْلَى، وَسَائِرُ صِفَاتِهِ عُلْيَا، كَانَ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى، وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ، بَلْ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَشْتَرِكَ فِي الْمَثَلِ الْأَعْلَى اثْنَانِ، لِأَنَّهُمَا إِنْ تَكَافَآ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنَ الْآخَرِ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَافَآ فَالْمَوْصُوفُ بِالْمَثَلِ الْأَعْلَى أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ، فَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ لِمَنْ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى مِثْلٌ، أَيْ: نَظِيرٌ، وَهَذَا بُرْهَانٌ قَاطِعٌ مِنْ إِثْبَاتِ صِفَاتِ الْكَمَالِ عَلَى اسْتِحَالَةِ التَّمْثِيلِ وَالتَّشْبِيهِ، فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ وَالْقُوَّةِ. وَنَظِيرُ هَذَا الْقَهْرِ الْمُطْلَقِ مَعَ الْوَحْدَةِ فَإِنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ، فَلَا يَكُونُ الْقَهَّارُ إِلَّا وَاحِدًا، إِذْ لَوْ كَانَ مَعَهُ كُفْءٌ، فَإِنْ لَمْ يَقْهَرْهُ لَمْ يَكُنْ قَهَّارًا عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَإِنْ قَهَرَهُ لَمْ يَكُنْ كُفُؤًا وَكَانَ الْقَهَّارُ وَاحِدًا، فَتَأَمَّلْ كَيْفَ كَانَ قَوْلُهُ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾ [الروم: ٢٧] مِنْ أَعْظَمِ الْأَدِلَّةِ عَلَى ثُبُوتِ صِفَاتِ كَمَالِهِ ﷾. فَإِنْ قُلْتَ: فَمَا حَقِيقَةُ الْمَثَلِ الْأَعْلَى؟ قُلْتُ: قَدْ أَشْكَلَ هَذَا عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، وَاسْتَشْكَلُوا أَقْوَالَ السَّلَفِ فِيهِ، فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَغَيْرَهُ قَالُوا: مَثَلُ السَّوْءِ الْعَذَابُ وَالنَّارُ، وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى: شَهَادَةُ (أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)، قَالَ قَتَادَةُ: هُوَ الْإِخْلَاصُ وَالتَّوْحِيدُ، وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ: هَذَا قَوْلُ الْمُفَسِّرِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَا أَدْرِي لِمَ قِيلَ

1 / 165