Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Chercheur
سيد إبراهيم
Maison d'édition
دار الحديث
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Lieu d'édition
القاهرة - مصر
Genres
[فصل تَعْجِيزِ الْمُتَأَوِّلِينَ عَنْ تَحْقِيقِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا يَسُوغُ تَأْوِيلُهُ مِنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ وما لا يسوغ]
فَصْلٌ
فِي تَعْجِيزِ الْمُتَأَوِّلِينَ عَنْ تَحْقِيقِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا يَسُوغُ تَأْوِيلُهُ مِنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيثِهَا وَمَا لَا يَسُوغُ
لَا رَيْبَ أَنَّ اللَّهَ وَصَفَ نَفْسَهُ بِصِفَاتٍ وَسَمَّى نَفْسَهُ بِأَسْمَاءٍ وَأَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ بِأَفْعَالٍ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُحِبُّ وَيَكْرَهُ وَيَمْقُتُ وَيَرْضَى وَيَغْضَبُ وَيَسْخَطُ وَيَجِيءُ وَيَأْتِي إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا وَأَنَّهُ الْمُسْتَوِي عَلَى عَرْشِهِ وَأَنَّ لَهُ عِلْمًا وَحَيَاةً وَقُدْرَةً وَإِرَادَةً وَسَمْعًا وَبَصَرًا وَوَجْهًا وَأَنَّ لَهُ يَدَيْنِ وَأَنَّهُ فَوْقَ عِبَادِهِ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَعْرُجُ إِلَيْهِ وَتَتَنَزَّلُ بِالْأَمْرِ مِنْ عِنْدِهِ وَأَنَّهُ قَرِيبٌ وَأَنَّهُ مَعَ الْمُحْسِنِينَ وَمَعَ الصَّابِرِينَ وَمَعَ الْمُتَّقِينَ وَأَنَّ السَّمَاوَاتِ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ، وَوَصَفَهُ رَسُولُهُ بِأَنَّهُ يَفْرَحُ وَيَضْحَكُ وَأَنَّ قُلُوبَ الْعِبَادِ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
فَيُقَالُ لِلْمُتَأَوِّلِ: تَتَأَوَّلُ هَذَا كُلَّهُ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ، أَمْ تُفَسِّرُ الْجَمِيعَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَحَقِيقَتِهِ، أَمْ تُفَرِّقُ بَيْنَ بَعْضِ ذَلِكَ وَبَعْضِهِ، فَإِنْ تَأَوَّلْتَ الْجَمِيعَ وَحَمَلْتَهُ عَلَى خِلَافِ حَقِيقَتِهِ كَانَ ذَلِكَ عِنَادًا ظَاهِرًا وَكُفْرًا صُرَاحًا وَجَحْدًا لِرُبُوبِيَّتِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الدَّهْرِيَّةِ الَّذِينَ لَا يُثْبِتُونَ لِلْعَالَمِ صَانِعًا، فَإِنْ قُلْتَ: أُثْبِتُ لِلْعَالَمِ صَانِعًا وَلَكِنْ لَا أَصِفُهُ بِصِفَةٍ تَقَعُ عَلَى خَلْقِهِ وَحَيْثُ وُصِفَ بِمَا يَقَعُ عَلَى الْمَخْلُوقِ تَأَوَّلْتُهُ، قِيلَ لَهُ: فَهَذِهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتُ الَّتِي وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ هَلْ تَدُلُّ عَلَى مَعَانٍ ثَابِتَةٍ هِيَ حَقٌّ فِي نَفْسِهَا أَوْ لَا تَدُلُّ؟ فَإِنْ نَفَيْتَ دَلَالَتَهَا عَلَى مَعْنًى ثَابِتٍ كَانَ ذَلِكَ غَايَةَ التَّعْطِيلِ، وَإِنْ أَثْبَتَّ دَلَالَتَهَا عَلَى مَعْنَى هِيَ حَقٌّ فِي نَفْسِهَا ثَابِتٌ، قِيلَ لَكَ: فَمَا الَّذِي سَوَّغَ لَكَ تَأْوِيلَ بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ؟ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَا أَثْبَتَّهَا وَنَفَيْتَهَا مِنْ جِهَةِ السَّمْعِ أَوِ الْعَقْلِ وَدِلَالَةِ النُّصُوصِ أَنَّ لَهُ سَمْعًا وَبَصَرًا وَعِلْمًا وَقُدْرَةً وَإِرَادَةً وَحَيَاةً وَكَلَامًا كَدَلَالَتِهَا عَلَى أَنَّ لَهُ مَحَبَّةً وَرَحْمَةً وَغَضَبًا وَرِضًا وَفَرَحًا وَضَحِكًا وَوَجْهًا وَيَدَيْنِ، فَدِلَالَةُ النُّصُوصِ عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ، فَلِمَ نَفَيْتَ حَقِيقَةَ رَحْمَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ وَغَضَبِهِ وَفَرَحِهِ وَضَحِكِهِ، وَأَوَّلْتَهَا نَفْسَ الْإِرَادَةِ؟
فَإِنْ قُلْتَ: إِنَّ إِثْبَاتَ الْإِرَادَةِ وَالْمَشِيئَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ تَشْبِيهًا وَتَجْسِيمًا، وَإِثْبَاتَ حَقَائِقِ هَذِهِ الصِّفَاتِ يَسْتَلْزِمُ التَّشْبِيهَ وَالتَّجْسِيمَ فَإِنَّهَا لَا تُعْقَلُ إِلَّا فِي الْأَجْسَامِ، فَإِنَّ الرَّحْمَةَ رِقَّةٌ تَعْتَرِي طَبِيعَةَ الْحَيَوَانِ، وَالْمَحَبَّةَ مَيْلُ النَّفْسِ لِجَلْبِ مَا يَنْفَعُهَا، وَالْغَضَبَ غِلٌّ بِالْقَلْبِ لِوُرُودِ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ.
1 / 29