Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

Ibn Mawsili d. 774 AH
122

Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Chercheur

سيد إبراهيم

Maison d'édition

دار الحديث

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

القاهرة - مصر

Genres

يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا نُجَازِفُ فِي نِسْبَةِ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ، بَلْ هُوَ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ، فَأَيُّ حَمْدٍ لِمَنْ لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ، وَلَا يَعْلَمُ وَلَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَفْعَلُ، وَلَا هُوَ فِي الْعَالَمِ وَلَا خَارِجٌ عَنْهُ وَلَا مُتَّصِلٌ بِهِ وَلَا مُنْفَصِلٌ عَنْهُ، وَلَا فَوْقَهُ وَلَا تَحْتَهُ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَا عَنْ يَسَارِهِ؟ وَأَيُّ نِعْمَةٍ لِمَنْ لَا يَقُومُ بِهِ فِعْلٌ الْبَتَّةِ؟ وَأَيُّ مَالِكٍ لِمَنْ لَا وَصْفَ لَهُ وَلَا فِعْلَ؟ فَانْظُرْ إِلَى تَوْحِيدِ الرُّسُلِ وَتَوْحِيدِ مَنْ خَالَفَهُمْ. [تسمية أهل الزيغ توحيد الرسل شركا وتجسيما] وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّهُمْ سَمَّوْا تَوْحِيدَ الرُّسُلَ شِرْكًا وَتَجْسِيمًا وَتَشْبِيهًا مَعَ أَنَّهُ غَايَةُ الْكَمَالِ، وَسَمَّوْا تَعْطِيلَهُمْ وَإِلْحَادَهُمْ وَبَغْيَهُمْ تَوْحِيدًا، وَهُوَ غَايَةُ النَّقْصِ ; وَنَسَبُوا أَتْبَاعَ الرُّسُلِ إِلَى تَنْقِيصِ الرَّبِّ، وَقَدْ سَلَبُوهُ كُلَّ كَمَالٍ، وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا لَهُ الْكَمَالَ قَدْ نَزَّهُوهُ عَنْهُ، فَهَذَا تَوْحِيدُ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعَطِّلَةِ. وَأَمَّا تَوْحِيدُ الرُّسُلِ فَهُوَ إِثْبَاتُ صِفَاتِ الْكَمَالِ لَهُ وَإِثْبَاتُ كَوْنِهِ فَاعِلًا بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ، وَأَنَّ لَهُ فِعْلًا حَقِيقَةً، وَأَنَّهُ وَحْدُهُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ وَيُخَافَ وَيُرْجَى وَيُتَوَكَّلَ عَلَيْهِ، فَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِغَايَةِ الْحُبِّ بِغَايَةِ الْحُبِّ بِغَايَةِ الذُّلِّ، وَلَيْسَ لِخَلْقِهِ مِنْ دُونِهِ وَكَيْلٌ، وَلَا وَلِيٌّ، وَلَا شَفِيعٌ، وَلَا وَاسِطَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فِي رَفْعِ حَوَائِجِهِمْ إِلَيْهِ، وَفِي تَفْرِيجِ كُرُبَاتِهِمْ وَإِجَابَةِ دَعَوَاتِهِمْ. بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَاسِطَةٌ فِي تَبْلِيغِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَإِخْبَارِهِ، فَلَا يَعْرِفُونَ مَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَيُبْغِضُهُ وَيُسْخِطُهُ، وَلَا حَقَائِقَ أَسْمَائِهِ وَتَفْصِيلَ مَا يَجِبُ لَهُ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ وَيُوَصَفُ بِهِ إِلَّا مِنْ جِهَةِ هَذِهِ الْوَاسِطَةِ، فَجَاءَ هَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةُ فَعَكَسُوا الْأَمْرَ وَقَلَبُوا الْحَقَائِقَ ; فَنَفَوْا كَوْنَ الرُّسُلِ وَسَائِطَ فِي ذَلِكَ وَقَالُوا: يَكْفِي تَوَسُّطُ الْعَقْلِ، وَنَفَوْا حَقَائِقَ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَقَالُوا: هَذَا التَّوْحِيدُ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ نُنَزِّهُ اللَّهَ عَنِ الْأَعْرَاضِ وَالْأَبْعَاضِ وَالْحُدُودِ وَالْجِهَاتِ، وَحُلُولِ الْحَوَادِثِ، فَيَسْمَعُ الْغِرُّ الْمَخْدُوعُ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ فَيَتَوَهَّمُ مِنْهَا أَنَّهُمْ يُنَزِّهُونَ اللَّهَ عَمَّا يُفْهَمُ مِنْ مَعَانِيهِمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالنَّقَائِصِ وَالْحَاجَةِ، فَلَا يَشُكُّ أَنَّهُمْ يُمَجِّدُونَهُ وَيُعَظِّمُونَهُ، وَيَكْشِفُ النَّافِذُ الْبَصِيرُ مَا تَحْتَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَيَرَى تَحْتَهَا الْإِلْحَادَ وَتَكْذِيبَ الرُّسُلِ، وَتَعْطِيلَ الرَّبِّ تَعَالَى عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ كَمَالِهِ، فَتَنْزِيهُهُمْ عَنِ الْأَعْرَاضِ هُوَ مِنْ أَحَدِ صِفَاتِهِ كَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَحَيَاتِهِ، وَعِلْمِهِ وَكَمَالِهِ وَإِرَادَتِهِ، فَإِنَّ هَذِهِ أَعْرَاضٌ لَا تَقُومُ إِلَّا بِجِسْمٍ، فَلَوْ كَانَ مُتَّصِفًا بِهَا لَكَانَ جِسْمٌ وَكَانَتْ أَعْرَاضًا لَهُ وَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنِ الْأَعْرَاضِ، وَأَمَّا الْأَعْرَاضُ فَهِيَ الْغَايَةُ وَالْحِكْمَةُ الَّتِي لِأَجْلِهَا يَخْلُقُ وَيَفْعَلُ، وَيَأْمُرُ وَيَنْهَى، وَيُثِيبُ وَيُعَاقِبُ، وَهِيَ الْغَايَاتُ الْمَحْمُودَةُ الْمَطْلُوبَةُ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَفِعْلِهِ، فَيُسَمُّونَهَا أَعْرَاضًا وَعِلَلًا يُنَزِّهُونَهُ عَنْهَا.

1 / 137