Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Chercheur
سيد إبراهيم
Maison d'édition
دار الحديث
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Lieu d'édition
القاهرة - مصر
Genres
وَهَذِهِ الْخُطْبَةُ تَلَقَّاهَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁، وَقَدْ ذَكَرَهَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ فِي الْحَوَادِثِ وَالْبِدَعِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ حَدَّثَنَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: يُوسُفُ، ثِقَةٌ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيِّ، رَفَعَهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي امْتَنَّ عَلَى الْعِبَادِ بِأَنْ جَعَلَ فِي كُلِّ زَمَانٍ فَتْرَةً مِنَ الرُّسُلِ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَدْعُونَ مَنْ ضَلَّ إِلَى الْهُدَى، وَيَصْبِرُونَ مِنْهُمْ عَلَى الْأَذَى، يُحْيِوُنَ بِكِتَابِ اللَّهِ الْمَوْتَى، وَيُبَصِّرُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ أَهْلَ الْعَمَى، وَكَمْ مِنْ قَتِيلٍ لِإِبْلِيسٍ قَدْ أَحْيَوْهُ، وَتَائِهٍ ضَالٍّ قَدْ هَدَوْهُ، بَذَلُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ دُونَ هَلَكَةِ الْعِبَادِ، فَمَا أَحْسَنَ أَثَرَهُمْ عَلَى النَّاسِ عَلَيْهِمْ، وَمَا نَسِيَهُمْ رَبُّكَ، وَلَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا، جَعَلَ قِصَصَهُمْ هُدًى، وَأَخْبَرَ عَنْ حُسْنِ مَقَالَاتِهِمْ، فَلَا تَقْتَصِرُ عَنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ فِي مَنْزِلَةٍ رَفِيعَةٍ وَإِنْ أَصَابَتْهُمُ الْوَضِيعَةُ.
فَالْمُتَشَابِهُ مَا كَانَ لَهُ وَجْهَانِ يَخْدَعُونَ بِهِ جُهَّالَ النَّاسِ، فَيَا لَلَّهِ كَمْ قَدْ ضَلَّ بِذَلِكَ طَوَائِفُ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَاعْتُبِرَ ذَلِكَ بِأَظْهَرِ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَهُوَ التَّوْحِيدُ الَّذِي حَقِيقَتُهُ إِثْبَاتُ صِفَاتِ الْكَمَالِ لِلَّهِ وَتَنْزِيهُهُ عَنْ أَضْدَادِهَا، فَاصْطَلَحَ أَهْلُ الْبَاطِلِ عَلَى وَضْعِهِ، ثُمَّ دَعَوُا النَّاسَ إِلَى التَّوْحِيدِ فَخَدَعُوا بِهِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ فِي اصْطِلَاحِهِمْ، وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ التَّوْحِيدَ هُوَ الَّذِي دَعَتْ إِلَيْهِ الرُّسُلُ.
[أنواع التوحيد الصحيحة والباطلة]
وَالتَّوْحِيدُ اسْمٌ لِسِتَّةِ مَعَانٍ: تَوْحِيدُ الْفَلَاسِفَةِ، وَتَوْحِيدُ الْجَهْمِيَّةِ، وَتَوْحِيدُ الْقَدَرِيَّةِ الْجَبْرِيَّةِ، وَتَوْحِيدُ الِاتِّحَادِيَّةِ، فَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ مِنَ التَّوْحِيدِ جَاءَتِ الرُّسُلُ بِإِبْطَالِهَا، وَدَلَّ عَلَى بُطْلَانِهَا الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ، فَأَمَّا تَوْحِيدُ الْفَلَاسِفَةِ فَهُوَ إِنْكَارُ مَاهِيَّةِ الرَّبِّ الزَّائِدَةِ عَلَى وُجُودِهِ، وَإِنْكَارُ صِفَاتِ كَمَالِهِ، وَأَنَّهُ لَا سَمْعَ لَهُ وَلَا بَصَرَ، وَلَا قُدْرَةَ وَلَا حَيَاةَ وَلَا إِرَادَةَ وَلَا كَلَامَ وَلَا وَجْهَ وَلَا يَدَيْنِ، وَلَيْسَ فِيهِ مُعَيَّنَانِ يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ الْبَتَّةَ، قَالُوا: لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ مُرَكَّبًا وَكَانَ جَسِيمًا مُؤَلَّفًا، وَلَمْ يَكُنْ وَاحِدًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَجَعَلُوهُ مِنْ جِنْسِ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ الَّذِي لَا يُحِسُّ وَلَا يَرَى وَلَا يَتَمَيَّزُ مِنْهُ جَانِبٌ عَنْ جَانِبٍ، بَلِ الْجَوْهَرُ الْفَرْدُ يُمْكِنُ وُجُودُهُ، وَهَذَا الْوَاحِدُ الَّذِي جَعَلُوهُ حَقِيقَةَ رَبِّ الْعَالَمِينَ يَسْتَحِيلُ وُجُودُهُ.
فَلَمَّا اصْطَلَحُوا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي التَّوْحِيدِ وَسَمِعُوا قَوْلَهُ: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [البقرة: ١٦٣]، وَقَوْلَهُ: ﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٦٢] نَزَّلُوا لَفْظَ الْقُرْآنِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ، وَقَالُوا: لَوْ كَانَ لَهُ صِفَةٌ أَوْ كَلَامٌ أَوْ مَشِيئَةٌ، أَوْ عِلْمٌ، أَوْ حَيَاةٌ
1 / 135