Mukhtasar Minhaj Al-Qasidin
مختصر منهاج القاصدين
Chercheur
شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط
Maison d'édition
مكتبة دار البيان
Année de publication
1398 AH
Lieu d'édition
دمشق
Genres
Soufisme
أما حجة من اختار المخالطة، فمن ذلك قول النبي ﵌: " المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم "، واحتجوا بأشياء غير ذلك ضعيفة لا تقوم بها حجة على ذلك، منها قول الله تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا﴾ [آل عمران: ١٠٥]، وهذا ضعيف، لأن المراد تفرق الآراء والمذاهب في أصل الشريعة، واحتجوا أيضًا بقوله ﵌: " لا هجرة فوق ثلاث " قالوا: والعزلة هجر بالكلية، وهذا ضعيف لأن المراد به قطع الكلام والسلام والمخالطة المعتادة.
١ - فصل في ذكر فوائد العزلة وغوائلها وكشف الحق في فضلها
اعلم: أن اختلاف الناس في هذا أيضًا هو كاختلافهم في فضيلة النكاح والعزوبة، وقد ذكرنا أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، فكذلك نقول فيما نحن فيه، فلنذكر أولًا فوائد العزلة وهى ست.
الفائدة الأولى: الفراغ للعبادة، والاستئناس بمناجاة الله سبحانه، فإن ذلك يستدعى فراغًا، لا فراغ مع المخالطة، فالعزلة وسيلة إلى ذلك خصوصًا في البداية.
قيل لبعض الحكماء: إلى أي شئ أفضى بهم الزهد والخلوة؟ قال: إلى الأنس بالله.
وقال أويس القرني رضى الله عنه: ما كنت أرى أن أحدًا يعرف ربه فيأنس بغيره.
واعلم: أن من تيسر له بدوام الذكر الأنس بالله، أو بدوام الفكر تحقيق معرفة الله، فالتجرد لذلك أفضل من كل ما يتعلق بالمخالطة.
الفائدة الثانية: التخلص بالعزلة عن المعاصيالتي يتعرض لها الإنسان غالبًا بالمخالطة، وهى أربعة:
أحدهما: الغيبة، فإن عادة الناس التمضمض بالأعراض والتفكه بها، فإن خالطتهم ووافقتهم أثمت وتعرضت لسخط الله تعالى، وإن سكت كنت شريكًا، فإن المستمع أحد المغتابين، وإن أنكرت أبغضوك واغتابوك فازدادوا غيبة إلى الغيبة، وربما
1 / 111