337

Mukhtasar Ma'arij al-Qubool

مختصر معارج القبول

Maison d'édition

مكتبة الكوثر

Numéro d'édition

الخامسة

Année de publication

١٤١٨ هـ

Lieu d'édition

الرياض

Genres

وَالرَّابِعُ: إِنَّمَا نَهَى عَنْ تَفْضِيلٍ يُؤَدِّي إِلَى الْخُصُومَةِ وَالْفِتْنَةِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي سَبَبِ الْحَدِيثِ.
وَالْخَامِسُ: أَنَّ النَّهْيَ مُخْتَصٌّ بِالتَّفْضِيلِ فِي نَفْسِ النُّبُوَّةِ فَلَا تَفَاضُلَ فِيهَا وَإِنَّمَا التَّفَاضُلُ بالخصائص وفضائل أخرى.
وروى ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهًا: أَنَّ التَّفْضِيلَ لَيْسَ إِلَيْكُمْ وَإِنَّمَا هُوَ إِلَى اللَّهِ ﷿ وَعَلَيْكُمُ الِانْقِيَادُ لَهُ وَالتَّسْلِيمُ وَالْإِيمَانُ به.
والوجه الْأَوَّلُ مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ ضَعِيفٌ، وَالثَّانِي وَالْخَامِسُ فيهما نظر، والرابع قريب. ويقوى الْوَجْهُ الثَّالِثُ مَعَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ، فَلَيْسَ التَّفْضِيلُ بِالرَّأْيِ وَمُجَرَّدُ الْعَصَبِيَّةِ، وَلَا بِمَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَنَقُّصُ الْمَفْضُولِ وَالْحَطُّ مِنْ قَدْرِهِ، كُلُّ هَذَا وَمَا فِي مَعْنَاهُ مُحَرَّمٌ قَطْعًا مَنْهِيٌ عَنْهُ شَرْعًا، وَهُوَ الَّذِي غَضِبَ مِنْهُ رسول الله ﷺ ولو لَمْ يَقْصِدْهُ ذَلِكَ الْأَنْصَارِيُّ ﵁، فَغَضَبُ النَّبِيُّ ﷺ وَنَهِيُهُ عَنْ ذَلِكَ تَعْلِيمٌ عَامٌّ لِلْأُمَّةِ وَزَجْرٌ بَلِيغٌ لِجَمِيعِهِمْ كَيْلَا يَقَعَ ذَلِكَ أَوْ يَصْدُرُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ فَيَهْلَكُ. وَأَمَّا التَّفْضِيلُ بِمَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ ﷿ وَرَفَعَ بِهِ دَرَجَتَهُ وَنَوَّهَ فِي الْوَحْيِ بِشَرَفِهِ مِنَ الْفَضَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا شَهِدَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ورسوله ﷺ.
-وقال النووي رحمه الله تعالى في الحديث الثاني فِيمَا قَالَهُ ﷺ فِي شأن يونس ﵇ أَنَّهُ ﷺ قَالَ هَذَا زَاجِرًا عَنْ أَنْ يَتَخَيَّلَ أَحَدٌ مِنَ الْجَاهِلِينَ شيئًا من ط مرتبة يونس ﵇ مِنْ أَجْلِ مَا فِي الْقُرْآنِ مَنْ قِصَّتِهِ (١)،

(١) قال تعالى: ﴿وذا النون إذ ذهب مغاضبًا فظن أن لن نقدر عليه﴾ [الأنبياء: ٨٧]،؟ وذلك لما تضجر ﵇ من عدم إيمان قومه. وقوله تعالى: ﴿فظن أن لن نقدر عليه﴾ أي: نضيق عليه كقوله تعالى: ﴿ومن قُدر عليه رزقه﴾ -أي: ضيق - ﴿فلينفق مما آتاه الله﴾ [الطلاق: ٧] والله تعالى أعلم. وانظر تفسير ابن كثير ج٣ ص١٩٢ ط/دار التراث.

1 / 367