294

Mukhtasar Ma'arij al-Qubool

مختصر معارج القبول

Maison d'édition

مكتبة الكوثر

Numéro d'édition

الخامسة

Année de publication

١٤١٨ هـ

Lieu d'édition

الرياض

Genres

وَوَقْتٍ وَاحِدٍ وَخَلَفَ إِمَامٍ وَاحِدٍ، وَبَيْنَهُمْ مِنَ التَّفَاوُتِ وَالتَّفَاضُلِ مَا لَا يُحْصَى فَهَذَا قُرَّةُ عَيْنِهِ فِي الصَّلَاةِ يَوَدُّ إِطَالَتَهَا مَا دَامَ عُمْرُهُ، وَآخَرُ يَرَى نَفْسَهُ فِي أَضْيَقِ سِجْنٍ يَوَدُّ انْقِضَاءَهَا فِي أَسْرَعِ مِنْ طَرْفَةِ عَيْنٍ، وهكذا الزكاة والصوم والحج والجهاد وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَجَمِيعُ أَعْمَالِ الْإِيمَانِ، النَّاسُ فِيهَا عَلَى هَذَا التَّفَاوُتِ وَالتَّفَاضُلِ بحسب ما وقر على قلوبهم من العلم واليقين، ذَلِكَ يَمُوتُونَ، وَعَلَيْهِ يُبْعَثُونَ، وَعَلَى قَدْرِهِ يَقِفُونَ فِي عَرَقِ الْمَوْقِفَ، وَعَلَى ذَلِكَ الْوَزْنِ وَالصُّحُفِ، وَعَلَى ذَلِكَ تُقَسَمُ الْأَنْوَارُ عَلَى الصِّرَاطِ وَبِحَسَبِ ذلك يمرون عليه، ومن أبطأ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ، وَبِذَلِكَ يَتَسَابَقُونَ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ، وَعَلَى حَسَبِهِ رَفْعُ دَرَجَاتِهِمْ وَبِقَدْرِهِ تَكُونُ مَقَاعِدُهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ ﵎ في يوم المزيد وبمقدار ممالكهم فيها ونعيمهم.
-حكم قول أنا مؤمن وحكم الاستثناء في الإيمان (كأن يقال: أنا مؤمن إنشاء الله):
لما كان الإيمان شاملًا للدين كله والناس فيه درجات وقع الحرج في قول أنا مؤمن قال الفضيل: لو قال رَجُلٌ مُؤْمِنٌ أَنْتَ مَا كَلَّمْتُهُ مَا عِشْتَ. وَقَالَ: إِذَا قُلْتَ: آمَنْتُ بِاللَّهِ فَهُوَ يَجْزِيكَ مِنْ أَنْ تَقُولَ أَنَا مُؤْمِنٌ، وَإِذَا قُلْتَ أَنَا مُؤْمِنٌ لَا يَجْزِيكَ مِنْ أَنْ تَقُولَ آمنت بالله لأن آمنت بالله أمره. قال تعالى: ﴿قولوا آمنا بالله﴾ (١) الْآيَةَ وَقَوْلُكَ أَنَا مُؤْمِنٌ تَكَلُّفٌ لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تَقَوُّلَهُ وَلَا بَأْسَ إِنْ قُلْتَهُ عَلَى وَجْهِ الْإِقْرَارِ وَأَكْرَهُهُ عَلَى وَجْهِ التَّزْكِيَةِ، وَقَالَ فُضَيْلٌ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: مَنْ صَلَّى إِلَى هَذِهِ الْقِبْلَةِ فَهُوَ عِنْدَنَا مُؤْمِنٌ، وَالنَّاسُ عِنْدَنَا مُؤْمِنُونَ بِالْإِقْرَارِ فِي الْمَوَارِيثِ وَالْمُنَاكَحَةِ وَالْحُدُودِ والذبائح والنسك، ولهم ذنوب وخطايا الله حسيبهم، إن شاء عذبهم وإنشاء غَفَرَ لَهُمْ، لَا نَدْرِي مَا لَهُمْ عِنْدَ

(١) البقرة: ١٣٦.

1 / 322