Mukhtasar Ma'arij al-Qubool
مختصر معارج القبول
Maison d'édition
مكتبة الكوثر
Numéro d'édition
الخامسة
Année de publication
١٤١٨ هـ
Lieu d'édition
الرياض
Genres
وقال تعالى: ﴿إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم * قالوا طائركم معكم لئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون﴾ (١)، ولأبي داود عن ابن مسعود مرفوعًا (الطيرة شرك) (٢)، وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو بن العاص ﵄ وَقَّفَهُ (٣): (مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ عَنْ حَاجَتِهِ فَقَدْ أشرك) (٤) .
-وإن كان الشؤم في شيء ففي ثلاثة: فِي الْمَرْأَةِ، وَالدَّارِ، وَالدَّابَّةِ، وَالشُّؤْمُ ضِدُّ الْيُمْنِ وَهُوَ عَدَمُ الْبَرَكَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْأَمْرُ الْمَحْسُوسُ المشاهد كالمرأة العاقر، وَكَذَا الدَّارُ الْجَدْبَةُ أَوِ الضَّيِّقَةُ أَوِ الْوَبِيئَةُ الْوَخِيمَةُ الْمَشْرَبِ أَوِ السَّيِّئَةُ الْجِيرَانِ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ، وَكَذَا الدَّابَّةُ الَّتِي لَا تَلِدُ ولا نسل لها أو الكثيرة العيوب الشنيعة الطَّبْعِ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَهَذَا كُلُّهُ شَيْءٌ ضَرُورِيٌّ مُشَاهَدٌ مَعْلُومٌ لَيْسَ هُوَ مِنْ باب الطيرة المنفية فإن ذلك أمر آخَرَ عِنْدَ مَنْ يَعْتَقِدُهُ لَيْسَ مِنْ هَذَا لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا نَحْسٌّ عَلَى صَاحِبِهَا لِذَاتِهَا لَا لِعَدَمِ مَصْلَحَتِهَا وَانْتِفَائِهَا فَيَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ غَنِيًّا افْتَقَرَ لَيْسَ بِتَبْذِيرِهَا بَلْ لِنَحَاسَتِهَا عليه، وأنه إن أخذها مات بِمُجَرَّدِ دُخُولِهَا عَلَيْهِ لَا بِسَبَبٍ مَحْسُوسٍ بَلْ عِنْدَهُمْ أَنَّ لَهَا نَجْمًا لَا يُوَافِقُ نَجْمَهُ بل ينطحه ويكسره، وقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّ رسول الله ﷺ قال: (لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَالشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ: في المرأة والدار والدابة) (٥) .
(١) يس: ١٨، ١٩.
(٢) صحيح. صحيح الجامع الصغير ٣٨٥٥، وانظر أيضًا ما سبق من الأحاديث في نفي الطيرة في الكلام عن العدوى.
(٣) أي: رواه مرفوعًا على عبد الله بن عمرو من قوله وليس من قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
(٤) صححه الألباني مرفوعًا - من قوله ﷺ في سلسلة الأحاديث الصحيحة ١٠٦٥، وصحيح الجامع الصغير ٦١٤٠.
(٥) قال الألباني حفظه الله: وهو لفظ مختصر اختصارًا مخلًا وإنما أصله بلفظ: (إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس) والحديث يعطي بمفهومه أن لا شؤم لأن معناه: لو كان الشؤم ثابتًا في شيء لكان في هذه الثلاثة لكنه ليس ثابتًا في شيء أصلًا، وعليه فما في بعض الروايات بلفظ: = = (الشؤم في ثلاثة) أو: (إنما الشؤم في ثلاثة) فهو اختصار وتصرف من بعض الرواة والله أعلم. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة، حديث ٤٤٣. وقيل إنما عني أن هذه الأشياء هي أكثر ما يتطير به الناس كما صح عن عائشة ﵂ مرفوعًا: (كان أهل الجاهلية يقولون الشؤم في ثلاثة..) الحديث. انظر فيض القدير شرح حديث ٢٥٥٤. وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم ٩٩٣.
فمن وقع في نفسه شيء أبيح له أن يتركه ويستبدل به غيره والطريق فيمن وقع له ذلك في الدار مثلًا أن يبادر بالتحول منها، لأنه متى استمر فيها ربما حمله ذلك على اعتقاد صحة التطير والتشاؤم، ولأن هذه الأشياء يطول تعذيب القلب بها لملازمتها ولو لم يعتقد الشؤم فيها فبفراقها يزول التعذيب بالإضافة إلى ما فيه من سد الذريعة للتشاؤم وذلك نظير الأمر بالفرار من المجذوم مع صحة نفي العدوى ولمزيد من الفائدة انظر فتح الباري: ج٦ ص٧٢-٧٤، وسلسلة الأحاديث الصحيحة: الأحاديث ٤٤٣، ٧٨٨، ٧٨٩، ٧٩٠، ٧٩٩، ٩٩٣، ١٩٣٠، وصحيح الجامع الصغير: الأحاديث ٢٣٢٢ و٤٢٣٨، ٤٩٦٤، ٧٣٧٦ وشرحها في فيض القدير للمناوي.
1 / 300