210

Mukhtasar Ma'arij al-Qubool

مختصر معارج القبول

Maison d'édition

مكتبة الكوثر

Numéro d'édition

الخامسة

Année de publication

١٤١٨ هـ

Lieu d'édition

الرياض

Genres

الله﴾ (١)، وَمَعَ هَذَا قَالُوا: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الأولى وما نحن بمنشرين﴾ (٢) فأقروا بالبداءة وأنكروا البعث والمعاد.
٤-والصنف الرابع ملاحدة الجهمية ومن وافقهم، وهؤلاء أَقَرُّوا بِمَعَادٍ لَيْسَ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِيمَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ عَنِ اللَّهِ ﷿ بَلْ زَعَمُوا أَنَّ هَذَا الْعَالَمَ يَعْدَمُ عَدَمًا مَحْضًا، وَلَيْسَ الْمَعَادُ هُوَ بَلْ عَالَمٌ آخَرُ غَيْرُهُ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْأَرْضُ الَّتِي تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا وَتُخْبِرُ بِمَا عُمِلَ عَلَيْهَا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ لَيْسَتْ هِيَ هَذِهِ، وَتَكُونُ الْأَجْسَادُ الَّتِي تُعَذَّبُ وَتُجَازَى وَتَشْهَدُ عَلَى مَنْ عَمِلَ بِهَا الْمَعَاصِي لَيْسَتْ هِيَ الَّتِي أُعِيدَتْ بَلْ هي غيرها، والأبدان التي تنعم في الجنة وَتُثَابُ لَيْسَتْ هِيَ الَّتِي عَمِلَتِ الطَّاعَةَ وَلَا أَنَّهَا تَحَوَّلَتْ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ بَلْ هِيَ غَيْرُهَا تُبْتَدَأ ابْتِدَاءً مَحْضًا، فَأَنْكَرُوا مَعَادَ الأبدان وزعموا أن المعاد بداءة أخرى. وهذه بعض أبيات من نونية ابن القيم ﵀ يرد فيها على قول الجهم بانعدام هذا العالم انعدامًا محضًا:
وكذلك يقبض أرضه وسماء ... هـ بِيَدَيْهِ مَا الْعَدَمَانِ مَقْبُوضَانِ
وَتُحَدِّثُ الْأَرْضُ الَّتِي كُنَّا بِهَا ... أَخْبَارَهَا فِي الْحَشْرِ لِلرَّحْمَنِ
وَتَظَلُّ تَشْهَدُ وَهِيَ عَدْلٌ بِالَّذِي ... مِنْ فَوْقِهَا قَدْ أَحْدَثَ الثَّقَلَانِ
أَفَيَشْهَدُ الْعَدَمُ الَّذِي هُوَ كَاسْمِهِ ... لَا شَيْءَ هَذَا لَيْسَ فِي الْإِمْكَانِ
لَكِنْ تسوى ثم تبسط ثم تشهد ... ثم تبدل وهي كيان.. إلخ
جـ-قول ابن سينا في البعث ونبذة عنه وعن عقيدته وأكبر أنصاره:
ابْنَ سِينَا هُوَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ سِينَا وَاسْمُهُ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ رَئِيسُ الْفَلَاسِفَةِ وَمُهَذِّبُ مَذْهَبِهِمْ، لَهُ كِتَابُ الْإِشَارَاتِ الَّذِي هَذَّبَ فِيهِ مَذْهَبَ أَرِسْطُو وَقَرَّبَهُ قَلِيلًا إِلَى الأديان، وكان - فيما ذكر ابن القيم ﵀ يقول

(١) الزخرف: ٨٧.
(٢) الزخرف: ٣٥.

1 / 233