Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
Maison d'édition
دار الهجرة للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
Genres
فصل
[شروط كون البدع صغيرة]
وَإِذَا قُلْنَا: إنَّ مِنَ الْبِدَعِ مَا يَكُونُ صَغِيرَةً؛ فَذَلِكَ بِشُرُوطٍ:
(أَحَدُهَا): أنْ لَا يُدَاوِمَ عَلَيْهَا، فإنَّ الصَّغِيرَةَ مِنَ الْمَعَاصِي لِمَنْ دَاوَمَ عليها تكبرُ بالنسبة إليه، لأنَّ ذلك ناشىء عَنِ الْإِصْرَارِ عَلَيْهَا، وَالْإِصْرَارُ عَلَى الصَّغِيرَةِ يُصَيِّرها كَبِيرَةً، وَلِذَلِكَ قَالُوا: «لَا صَغِيرَةَ مَعَ إِصْرَارٍ، وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ» .
فَكَذَلِكَ الْبِدْعَةُ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ، إِلَّا أنَّ الْمَعَاصِيَ مِنْ شَأْنِهَا فِي الْوَاقِعِ أنَّها قَدْ يُصِرُّ عَلَيْهَا، وَقَدْ لا يصر عليها، بِخِلَافِ الْبِدْعَةِ فإنَّ شَأْنَهَا فِي الْمُدَاوَمَةِ وَالْحِرْصِ عَلَى أنْ لَا تُزَالَ مِنْ مَوْضِعِهَا وأنْ تقوم على تاركها القيامة.
(الثَّانِي): أنْ لَا يَدْعُوَ إِلَيْهَا، فإنَّ الْبِدْعَةَ قَدْ تَكُونُ صَغِيرَةً بِالْإِضَافَةِ، ثُمَّ يَدْعُو مُبْتَدِعُهَا إِلَى الْقَوْلِ بِهَا وَالْعَمَلِ عَلَى مُقْتَضَاهَا فَيَكُونُ إِثْمُ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَيْهِ، فإنَّه الَّذِي أَثَارَهَا.
فَرُبَّمَا تُسَاوِي الصغيرةُ - مِنْ هَذَا الْوَجْهِ - الكبيرةَ أَوْ تُرْبِي عَلَيْهَا. فَمِنْ حَقِّ الْمُبْتَدِعِ إِذَا ابْتُلِيَ بِالْبِدْعَةِ أنْ يَقْتَصِرَ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا يحمل مع وزره وزر غيره.
(الثَّالِثُ): أنْ لَا تَفْعَلُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي هِيَ مُجْتَمَعَاتُ النَّاسِ، أَوِ الْمَوَاضِعُ الَّتِي تُقَامُ فِيهَا السُّنَنُ، وَتُظْهَرُ فِيهَا أَعْلَامُ الشَّرِيعَةِ؛ فأمَّا إظهارها في المجتمعات ممن يقتدي به، فَذَلِكَ مِنْ أَضَرِّ الْأَشْيَاءِ عَلَى سُنَّةِ الْإِسْلَامِ.
1 / 92