88

Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

مختصر كتاب الاعتصام

Maison d'édition

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Genres

لما استحلوا العمل به احتجوا بقياس فاسد. فَأَكْذَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَدَّ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: ﴿ذَلِكَ بأنَّهُمْ قَالُوا إنَّما الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ الله الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا﴾ (١) لَيْسَ الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا، فَهَذِهِ مُحْدَثَةٌ أَخَذُوا بِهَا مُسْتَنِدِينَ إِلَى رأيٍ فَاسِدٍ، فَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُحْدَثَاتِ، كَسَائِرِ مَا أَحْدَثُوا فِي الْبُيُوعِ الجارية بينهم المبينة على الخطر والغرر. فصل [كلُّ بدعة ضلالة] إِذَا تَقَرَّرَ أنَّ الْبِدَعَ لَيْسَتْ فِي الذَّمِّ وَلَا فِي النَّهْيِ عَلَى رُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ، وأنَّ مِنْهَا مَا هُوَ مَكْرُوهٌ، كَمَا أنَّ مِنْهَا مَا هُوَ محرَّم، فَوَصْفُ الضَّلَالَةِ لَازِمٌ لَهَا وَشَامِلٌ لِأَنْوَاعِهَا لِمَا ثَبَتَ مِنْ قَوْلِهِ ﷺ «كلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» . لَكِنْ يبقى ها هنا إِشْكَالٌ، وَهُوَ أنَّ الضَّلَالَةَ ضِدَّ الْهُدَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى﴾ (٢)، وَقَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هَاد﴾ (٣)، ﴿وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِل﴾ (٤)، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ مِمَّا قُوبِلَ فِيهِ بَيْنَ الْهُدَى وَالضَّلَالِ فإنَّه يَقْتَضِي أنَّهما ضِدَّانِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةٌ تُعْتَبَرُ فِي الشَّرْعِ، فَدَلَّ عَلَى أنَّ الْبِدَعَ الْمَكْرُوهَةَ خروجٌ عَنِ الْهُدَى. وَنَظِيرِهِ فِي الْمُخَالَفَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ بِبِدَعٍ، الْمَكْرُوهَةُ مِنَ الْأَفْعَالِ، كَالِالْتِفَاتِ الْيَسِيرِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، والصلاة وهو يدافعه الأخبثان

(١) البقرة: ٢٧٥. (٢) البقرة: ١٦. (٣) الرعد: ٣٣. الزمر: ٢٣، ٣٦. غافر: ٣٣. (٤) الزمر: ٣٧.

1 / 86