65

Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

مختصر كتاب الاعتصام

Maison d'édition

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Genres

الْبَابُ الرَّابِعُ [فِي مَأْخَذِ أَهْلِ الْبِدَعِ بِالِاسْتِدْلَالِ] كلُّ خَارِجٍ عَنِ السُّنَّةِ مِمَّنْ يدَّعي الدُّخُولَ فيها، لَا بُدَّ لَهُ مِنْ تكلُّف فِي الِاسْتِدْلَالِ بأدلتها على خصوصات مَسَائِلِهِمْ، وَإِلَّا كذَّب اطِّراحُها دَعْوَاهُمْ، بَلْ كلُّ مبتدع من هذه الأُمة يدَّعى أنَّه هُوَ صَاحِبُ السُّنَّةِ دُونَ مَنْ خالفه من الفرق إِلَّا أنَّ هَؤُلَاءِ - كَمَا يَتَبَيَّنُ بعدُ - لَمْ يبلغوا النَّاظِرِينَ فِيهَا بِإِطْلَاقٍ. إمَّا لِعَدَمِ الرُّسُوخِ فِي مَعْرِفَةِ كَلَامِ الْعَرَبِ وَالْعِلْمِ بِمَقَاصِدِهَا. وإمَّا لِعَدَمِ الرُّسُوخِ فِي الْعِلْمِ بِقَوَاعِدَ الأُصول الَّتِي مِنْ جِهَتِهَا تُستنبط الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ، وإمَّا لِعَدَمِ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا. فَبِالْحَرِيِّ أنْ تَصِيرَ مَآخِذُهُمْ لِلْأَدِلَّةِ مُخَالَفَةً لِمَأْخَذِ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ لِلْأَمْرَيْنِ. وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَلَا بُدَّ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى تلك المآخذ لكي تُحْذَر وتُتقى فَنَقُولُ: قَالَ اللَّهُ ﷾: ﴿فأمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُون مَا تَشابهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنةِ وابْتِغاءِ تأْوِيلِهِ﴾ (١) وَذَلِكَ أنَّ هَذِهِ الْآيَةَ شَمَلَتْ قِسْمَيْنِ هُمَا أَصْلُ الْمَشْيِ عَلَى طَرِيقِ الصَّوَابِ أَوْ عَلَى طَرِيقِ الْخَطَأِ: أَحَدُهُمَا: الراسخون في العلم وهم الثابتوا الْأَقْدَامِ فِي عِلْمِ الشَّرِيعَةِ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ مُتَعَذِّرًا إِلَّا عَلَى مَنْ حَصَّلَ الْأَمْرَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، لَمْ يَكُنْ بدٌ مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِهِمَا مَعًا عَلَى حَسَبِ مَا تُعْطِيهِ الْمُنَةُ الْإِنْسَانِيَّةُ، وَإِذْ ذَاكَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ: أنَّه رَاسِخٌ فِي الْعِلْمِ، وَمُقْتَضَى الْآيَةُ مَدْحُهُ، فَهُوَ إِذًا أهلٌ لِلْهِدَايَةِ والاستنباط. وَالْقِسْمُ الثَّانِي: «مَنْ لَيْسَ براسخٍ فِي الْعِلْمِ» وهو الزائغ فحصل له من الآية وَصْفَانِ: أَحَدُهُمَا بِالنَّصِّ وَهُوَ الزَّيغ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فأمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ﴾ وَالزَّيْغُ هُوَ الْمَيْلُ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَهُوَ ذمٌ لَهُمْ. والوصف الثاني بِالْمَعْنَى الَّذِي أَعْطَاهُ التَّقْسِيمُ وَهُوَ عَدَمُ الرُّسُوخِ في العلم، فَمَا ظنُّك بِهِ إِذَا اتَّبَعَ ابتغاءَ الْفِتْنَةِ؟ فكثيرًا ما ترى الجهال يحتجون

(١) آل عمران: ٧.

1 / 61