118

Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

مختصر كتاب الاعتصام

Maison d'édition

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Genres

فيهِ﴾ (١) الْآيَةَ، وَذَلِكَ الِاخْتِلَافُ فِي الْآرَاءِ والنِّحل وَالْأَدْيَانِ وَالْمُعْتَقَدَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَا يَسْعَد الْإِنْسَانُ بِهِ أو يشقى في الآخرة والدنيا. وقد نقل المفسرون عن الحسن أنَّه قَالَ: أمَّا أَهْلُ رَحْمَةِ اللهِ فإنَّهم لَا يَخْتَلِفُونَ اخْتِلَافًا يَضُرُّهم، يَعْنِي لأنَّه فِي مسائل الاجتهاد التي لا نص فيها يقطع الْعُذْرِ، بَلْ لَهُمْ فِيهِ أَعْظَمُ الْعُذْرِ، وَمَعَ أنَّ الشَّارِعَ لَمَّا عَلِمَ أنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَاقِعٌ، أَتَى فِيهِ بأصلٍ يُرْجَعُ إِلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ﴿فإنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلى اللهِ والرَّسُولِ﴾ (٢) الْآيَةَ، فكلُّ اخْتِلَافٍ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ حكمُ اللهِ فِيهِ أَنْ يُرَدَّ إِلَى اللهِ، وَذَلِكَ ردُّه إِلَى كِتَابِهِ، وَإِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَذَلِكَ ردُّه إِلَيْهِ إِذَا كَانَ حَيًّا وَإِلَى سُنَّتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ الْعُلَمَاءُ ﵃. إِلَّا أنَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَلْ هُمْ دَاخِلُونَ تَحْتَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ: أنَّه لَا يَصِحُّ أَنْ يَدْخُلَ تَحْتَ مُقْتَضَاهَا أهلُ هَذَا الِاخْتِلَافِ مِنْ أَوْجُهٍ. (أَحَدُهَا): أنَّ الْآيَةَ اقْتَضَتْ أَنَّ أَهْلَ الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِينَ مبايِنون لِأَهْلِ الرَّحْمَةِ لِقَوْلِهِ: ﴿وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾ فإنَّها اقْتَضَتْ قِسْمَيْنِ: أهلَ الاختلاف، ومرحومين فَظَاهِرُ التَّقْسِيمِ أَنَّ أَهْلَ الرَّحْمَةِ لَيْسُوا مَنْ أهل الاختلاف. (الثاني): أَنَّهُ قَالَ فِيهَا: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ فَظَاهِرُ هذا أنَّ وصف

(١) البقرة: ٢١٣. (٢) النساء: ٥٩.

1 / 117