Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
Maison d'édition
دار الهجرة للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
Genres
وكذلك القول في الاستحسان فإنَّه رَاجِعٌ إِلَى الْحُكْمِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَالنَّافِي لَهُ لَا يَعُدُّ الِاسْتِحْسَانَ سَبَبًا فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْأَحْكَامِ البتَّة، فَصَارَ كَالْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ إِذَا قِيلَ بردِّها.
فلمَّا كَانَ هَذَا الْمَوْضِعُ مزلَّةَ قدمٍ لِأَهْلِ الْبِدَعِ أَنْ يَسْتَدِلُّوا عَلَى بِدْعَتِهِمْ مِنْ جِهَتِهِ، كَانَ الْحَقُّ الْمُتَعَيَّنُ النَّظَرَ فِي مَنَاطِ الْغَلَطِ الْوَاقِعِ لِهَؤُلَاءِ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ أنَّ الْمَصَالِحَ الْمُرْسَلَةَ لَيْسَتْ مِنَ الْبِدَعِ فِي وِرْد وَلَا صَدَر، بِحَوْلِ اللهِ، واللهُ الْمُوَفِّقُ، فَنَقُولُ:
الْمَعْنَى الْمُنَاسِبُ: الَّذِي يُربط بِهِ الْحُكْمُ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
(أَحَدُهَا): أَنْ يَشْهَدَ الشَّرْعُ بِقَبُولِهِ، فَلَا إِشْكَالَ فِي صِحَّتِهِ، وَلَا خِلَافَ فِي إِعْمَالِهِ، وَإِلَّا كَانَ مُنَاقَضَةً لِلشَّرِيعَةِ، كَشَرِيعَةِ القِصاص حفظًا للنفوس والأطراف وغيرها.
(الثاني): مَا شَهِدَ الشَّرْعُ بردِّه فَلَا سَبِيلَ إِلَى قبوله باتفاق المسلمين.
(الثَّالِثُ): مَا سَكَتَتْ عَنْهُ الشَّوَاهِدُ الْخَاصَّةُ، فَلَمْ تَشْهَدْ بِاعْتِبَارِهِ وَلَا بِإِلْغَائِهِ، فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَرِد نصٌ عَلَى وِفق ذَلِكَ الْمَعْنَى، كَتَعْلِيلِ مَنْعِ الْقَتْلِ لِلْمِيرَاثِ، فَالْمُعَامَلَةُ بِنَقِيضِ المقصود تَقْدِيرِ إنْ لَمْ يَرِدْ نَصٌّ عَلَى وِفقه، فإنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ لَا عَهْدَ بِهَا فِي تَصَرُّفَاتِ الشَّرْعِ بِالْفَرْضِ وَلَا بِمُلائمها بِحَيْثُ يُوجَدُ لَهَا جِنْسٌ مُعْتَبَرٌ، فَلَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِهَا، وَلَا بِنَاءُ الْحُكْمِ عَلَيْهَا بِاتِّفَاقٍ، وَمِثْلُ هَذَا تَشْرِيعٌ مِنَ الْقَائِلِ بِهِ فَلَا يُمْكِنُ قَبُولُهُ.
1 / 100