Abrégé des merveilles du monde
مختصر عجائب الدنيا
ثم أن ملك بني إسرائيل كان يكرم يحيى بن زكريا وأنه هوى أن يتزوج بنت أخيه فسأله عن ذلك فنهاه. فبلغ ذلك أنها حقدت على يحيى ، ثم عمدت إلى الجارية فألبستها ثيابا رقاقا حمراء وطيبتها وألبستها من الحلي الفاخرة ومن فوق ذلك كساء أسود ، وأرسلتها إلى الملك في مجلسه وأمرتها أن تسقيه وتعرض نفسها له ، فإذا أرادها تمنعت عليه حتى يأتيها برأس يحيى في طشت.
ففعلت ، فلما أخذ منه الشراب راودها عن نفسها فقالت : لا أفعل حتى تعطيني ما أسألك.
قال : وما هو؟
قالت : تأتيني برأس يحيى / في طشت.
فقال : ويحك سلي غير هذا.
قالت : لا أسأل غيره. فلما أبت عليه أتى برأسه وهو يتكلم
فوضع بين يديه ، والرأس تقول بلسنها : لا يحل لك ذلك.
فلما أصبح إذا دمه يفور ويغلي. فأمر أن يلقى عليه ترابا. فرقي الدم فوق التراب يغلي ، فلم يزل يلقى عليه من التراب حتى بلغ سور المدينة وهو يغلي.
فبلغ صيحانين ملك بابل ، فنادى في الناس ، فأتاه بخت نصر على ... (1) فسار حتى وصل تحصنوا فلم يطقهم وجاع قومه وهم بالانصراف ، فخرجت له عجوز من بني إسرائيل ، فقالت : أين (2) أمير الجند؟ فدللت عليه ، فقالت : أرأيت إن فتحت لك المدينة تعطيني ما أسألك؟ فتقتل (3) من آمرك بقتله ، وتكف عمن آمرك؟
فقال لها : نعم.
فقالت : اقسم جيشك أربع فرق ، ثم اجعل في كل زاوية ربعا ، ثم ارفعوا أيديكم إلى السماء وقولوا : اللهم إنا نستفتحك بدم يحيى بن زكريا ، فإنها سوف تتساقط لكم.
ففعلوا فتساقطت المدينة ، فدخلوا من جوانبها.
فقالت : كف يدك واقتل على الدم حتى يسكن. وانطلقت به إلى دم يحيى بن زكريا فقتل عليه حتى سكن ، وكان عدتهم سبعين ألفا.
فلما سكن الدم قالت له : كف يدك فإن الله تعالى إذا قتل له نبي لم يرض حتى
Page 233