Sélections de contes anglais
مختارات من القصص الإنجليزي
Genres
فسألني القسيس، وهو غير فاهم: «غرفتها؟ أية غرفة؟»
فقلت متعجبا: «أوه، أولم تكن تعرف؟ غرفة نومها في البيت. احتفظا بها كما هي، أشياءها، وكتبها، وملابسها.»
فقال القسيس: «لا أظن أني فاهم. فما كان لها قط غرفة نوم في هذا البيت.»
فقلت: «عفوا. إحدى الغرف المقدمة في الطبقة الثانية كانت غرفتها.»
فهز رأسه وقال: «هنا بعض الخطأ، فما نزلت قط في هذا البيت، لأنها ماتت في البيت القديم. وكان البيت الجديد لم يكد يتم تشييده. العمال لم يكونوا قد خرجوا منه.»
فقلت: «كلا، لا بد أن تكون أنت المخطئ، ويظهر أنك ناس. فإني على يقين من الأمر، وقد حدثني ليرو وامرأته بهذا مرات لا يأخذها حصر.»
فأصر القسيس على زعمه وقال: «ولكن يا سيدي العزيز، إني لست واثقا فقط بل أنا أعلم. فقد حضرت وفاتها، وكنت إلى جانبها وهي تجود بنفسها، وقد ماتت في البيت القديم. وكانا لم ينتقلا إلى الدار الجديدة، وكانت الدار لا تزال تؤثث وتجهز، وقد وضعت فيها آخر قطع الأثاث قبل وفاتها بيوم. ولم يسكن أحد هذه الدار قبلك. أنت أول ساكن لها. وإني أؤكد لك هذا.»
فقلت: «إن هذا أمر غريب جدا.»
وساورتني الحيرة دقيقة، فلم أهتد على حل لهذا اللغز، ولكن حيرتي لم تطل أكثر من دقيقة، قلت بعدها: «فهمت. فهمت.»
فهمت، ورأيت، وأدركت كيف غالط هذان المنكوبان نفسيهما، وخلقا لهما وهما يتعزيان به، فقد بنيا الدار لابنتيهما، فلما اكتملت الدار وتجهزت ماتت الفتاة. ولكنهما لم يطيقا أن يتصورا أن لا تعيش في هذه الدار وتنعم بها ولو أسبوعا واحدا، بل ولو يوما واحدا، أو حتى ساعة مفردة! عجزا عن احتمال هذا الحرمان. ولم يستطع قلباهما الثاكلان أن يعترفا به، فأغمضا عيونهما حتى لا يريا ما يصنعان، وحملا متاع الفتاة الميتة في خشوع، إلى الغرفة التي أرادا أن يفرداها لها، ورتباها فيها، وقالا لنفسيهما بإلحاح: «هذه كانت غرفتها. هذه كانت غرفتها.» ليتقرر في روعهما بالإيحاء، وأبيا أن يصدقا النفس، أبيا أن يسمحا بأن يجري في خاطرهما أنها لم تنم فيها ولم تنعم بها ولا ليلة واحدة. أوحيا إلى نفسيهما هذه الأكذوبة الجميلة، هذه الخدعة الكريمة الرحيمة كأنهما طفلان يصدقان ما يتخيلان وهما يلعبان. وقد قالها القسيس: «الله رحيم! فقد استطاعا أن يخلطا كذبتهما الجميلة بالحقيقة، وأن يجدا في هذا عزاءهما، ووسعهما أن ينسيا أن ما غالطا به نفسيهما ليس أكثر من خدعة، ووهم وباطل ليس يجدي، وأن يعدا الأمر كله حقيقة يستمدان منها السلوان والصبر الجميل، وبهذا وقاهما الله أن يتقاضاهما الحزن آخر مجهودهما. فبقيت لهما هذه السلوة، فهي كنز لهما - كنز أنفس وأجدى من الذهب الإبريز .»
Page inconnue