في الفن وحده1
يريدني صديقي الأستاذ العالم الأديب محرر «الهلال» على أن أقول مقالا في موضوع الفن والجمال! على أنني من جانبي قد قدرت بادئ الرأي أن المدى المقسوم لا يتسع لهذين معا، فلنقسر حديث اليوم على «الفن»، ولنرجئ القول في الجمال، فله إن شاء الله إذا امتد العمر مجال.
ما الفن؟
ولقد كان أول ما انبعث فيه ذهني هو التماس أفق هذا الفن وترسم حدوده وماذا يراد به اليوم في متعارف الناس؟
في الحق أنني لم أصب في كل ما وقع لي من كلام المتقدمين والمتأخرين من أصحاب العربية إلى زمن قريب تخصيصا لهذه الكلمة بذلك المعنى الذي يتناول اليوم بكلمة
Art ، فلم أر بدا من مراجعة معجمات اللغة العربية تحقيقا لأصل الوضع اللغوي لكلمة «فن»، ووجوه تصرفها في مختلف المعاني بالاشتقاق والتجوز وغير ذلك من أسباب الدلالات، وقد اعتمدت في طلب هذه الغاية من متون المعجمات لسان العرب، وصحاح الجوهري، والقاموس المحيط، وأساس البلاغة، فخرج لي من كل أولئك ما أنا مورده عليك في إيجاز ولكن فيه الغناء.
الفن في اللغة
الفن واحد الفنون، وهي الأنواع، والفن الحال، والفن الضرب من الشيء، والجمع أفنان وفنون، يقال: رعينا فنون النبات، وأصبنا فنون الأموال.
والرجل يفتن الكلام: أي يشتق في فن بعد فن، والتفنن فعلك، ورجل مفن (بكسر ففتح): يأتي بالعجائب، وذو فنون من الكلام.
وافتن الرجل في حديثه: إذا جاء بالأفانين، افتن الرجل في كلامه وخصومته إذا توسع وتصرف، وافتن أخذ في فنون من القول.
Page inconnue