144

ويا سحب جودي بالأمطار، لتخصب الأودية وتحتفل بالعذب السائغ الأنهار.

ولا تزال في جهدها ونصبها حتى تعلو بها السن، فتترقرق صفرة الأصيل، في ذلك الخد الأسيل،

8

ويبدل جلال الشيخوخة من رونق الشباب، وتصرف نضرة اللجين بالعسجد المذاب، وماذا تراه يجدي في نضارة السن أو يغني عن بضاضة الإهاب؟

ثم تمشي متثاقلة إلى خدرها، لتتوارى عن العيون خلف سترها، وهي تعتمد من شعاعها على عكازة، كأنها شيخة أجهدها طول السرى في مفازة، حتى إذا حاذت الأفق، جعلت تتدلى وراءه رويدا رويدا، كأنها تتزود ليومها من العالم بآخر نظرة، أو لتنفث من شعاعها المهزول ما أجنت على الصبا من لوعة وحسرة، حتى يغشاها الذبول، ويدركها الأفول، مخلفة وراءها فلولا من جيشها الأحمر، ما تفتأ تجتاحها جيوش الظلام، وكذلك الأيام دول وسبحان من تفرد بالدوام! •••

وهذا القمر يبدو لك أول الشهر خيطا دقيقا، ثم يبدو لك في ثانيه كحاجب الأشيب، ثم يستوي قوسا، والنجوم تحف به وتدلله، وتسهر عليه في سقمه وتعلله، ولله در ابن المعتز إذ يشبه الهلال بقوله:

انظر إلى حسن هلال بدا

يهتك من أنواره الحندسا

9

كمنجل قد صيغ من فضة

Page inconnue