إلى أين؟ إلى أين؟1 ألا من قرار؟! ...
لست أدري لعمري: فيم أنا الآن؟ تالله ما أراني في شيء أبدا لأنني لا أشعر بأنني مجتمع الشمل بهذا «الآن»! ولا أراني شعرت بهذا قط في طول الحياة!
ما اطلعت على ساعة من ساع الزمن إلا رأيتني مشغولا عنها بالانحدار إلى التي تليها، ولا صرت إلى يوم من الأيام إلا أحسست أن همي إلى ما وراءه، ولا أفضيت إلى سنة من السنين إلا كان بالي إلى ما بعدها وشغلي كان به، فأنا من يوم طالعت هذه الدنيا لا أجدني إلا على سفر دائم لا لبثة فيه ولا هوادة، ولا مناخ لراحة ولا لزاد، سير في النهار مغذ، وسرى في الليل حثيث!
اللهم إني لأبتغي القرار في هذه الدنيا ولو ساعة واحدة أستريح فيها إلى نفسي وأشعر بالسكون معها والاطمئنان!
اللهم إني لأبغي أن أجدني في مساحة من الزمن، ولو ضاق ما بين حديها، فأستشعر السكون، وأفرق بين ما كان وبين ما يكون، وأستطيع في كل أثناء هذا الزمان، أن أعرف: فيم أنا الآن!
ولكن كيف لي بهذا ومن ورائي ذلك السائق الخفي المرير ،
2
ما يلوح لي مجثم
3
إلا بعثني منه، ولا يتراءى لي مثوى إلا أزعجني بسوطه عنه، فأنا بين يديه دائم الجري لا أحط رحلا من سفار، ولا أطمئن على طول المدى إلى قرار.
Page inconnue