بنجوة من العزة، وبحبوحة من الأمن، وفي عيشٍ رقيقٍ الحواش، وحالٍ تجاوز طامح الأماني، والنعم أطواق إذا شكرت، وأغلال إذا كفرت، والشكر لها زيادة فيها، وأمان من الغير عليها، ولو أساعد هوى وأجانبه تقى، لعطفنني عليه الأواصر العاطفة، والأرحام الشابكة، والشقي من عدل به الهوى عن الحق، وأورده النار، وبئس الورد المورود" وذكر أنه أنشئ في معين منافق عصى، وشق العصا، واستند إلى الروم، وكان أبوه على الطاعة، فتولى قتاله إلى أن ظفر به وقتله، ولما كفر فلان النعمة مباينا، ونابذ الإسلام متاركًا، واتخذ الدير دارًا، والنصارى أنصارًا، شمرت له عن ساق الحزم، وحسرت له عن ساعد العزم، ولطفت إليه من مسلك الحيلة، واستعنت عليه بصادق النية، فلم أزل أدني إليه بعيد الأجل، فاقطع به في وجه الأمل، وافتح عليه باب الطلب، وأسد أبواب الهرب، حتى افترسه فرسه، وجنى عليه مجنه واعتقله معقله، فقاده الذنب، وساقه الجبن منحوس الحظ ممنوع اللفظ، قد شدت يده بالجزيرة، وسد فم توبته بحجز الكبيرة، وأمرت بثوبه فكشف، وبطيب النفاق فاخترط، وقد صارت القربى بعدا، والرحمة ضدا، فما كان إلا كلا، ولا حتى شحط في أوساخه، وحيزت لأمير المؤمنين أم فراخه، وعطفت على كل قرينٍ له وصاحب، فأعدت جميعهم كأمس الذاهب، وأبلوا بلاهم، فجوزوا جزاهم، كذلك (جزاء الذين يحاربون الله ورسوله، ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا، أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، أو ينفوا من الأرض) ومملوكك يا أمير المؤمنين فيقسم بالله العظيم، لو عصتك يمناه لأعدى عليه يسراه، ويعيد القسم، لو كان له ألف ولد، كل منهم أدهى من قتيبة، وأشجع من عتيبة، وأوفى من عيينة، وأذكى من عروة بن أذينة، لتخلى لطاعتك عنهم، وتبرأ لبيعتك منهم، وأعذر عند نعمك فيهم، ولئن كان الفائق ولد الراتق، والعاصي نجل الطائع، فقد تكون الصاعقة من الصيب، ويخرج الله الخبيث من الطيب.
1 / 39