L'Imagination de Khandaris : Qui craint Ousmane Bashri ?
مخيلة الخندريس: ومن الذي يخاف عثمان بشري؟
Genres
من هنا نتج خوفنا عليه، لدينا خوف طبيعي من الأجهزة الأمنية، وهو أمر مستحب ومقبول ولا عيب فيه. ولدى أمي حكمة جيدة في هذا الموضوع فهي دائما ما تكرر:
الما بخاف من الحكومة، ما بخاف من الله.
وهي توءم لحكمتها الأخرى:
الما بخاف من الله، خاف منه.
وهما أختان صغيرتان لحكمتها الكبرى:
الخواف ربى عياله.
أما خوفنا الأعظم فهو من الأجهزة غير الحكومية التي قد لا يكون خلفها قانون أو أي نوع من الرقابة أو المحاسبة مهما كانت ضئيلة وغير فاعلة، وهي جهات متطرفة أقرب إلى فرق الموت!
قررنا جميعا أن نترك موضوع المجزرة جانبا، وأن نقوم بعملنا الروتيني في حماية ما تبقى من أطفال ومتشردين. أن نعمل على عودتهم للمنظمة كما هو في السابق ... حيث يتناولون الإفطار، يغسلون ملابسهم، ويستحمون إذا أرادوا، ثم يعودون للشارع! للأسف هو المكان الذي يفضلونه على غيره. تعلمنا من خلال عملنا الطويل مع المتشردين، أنهم لا يحبون أن يحجزوا إطلاقا في أي مكان كان، حتى إذا توافرت لهم فيه كل سبل العيش. إنهم تواقون للحرية ويدفعون ثمنها بكل سخاء، الحرية بفهمهم الخاص، الذي تكون من الأزقة، المزابل، المطاردات اليومية من قبل حملات الشرطة، المخازي، المآسي، الخيانات، الاغتصاب، الجوع، التسمم المزمن، التسمم الحاد، والقتلة المجهولين. مع شروق كل شمس مخافة أو فكرة تستهدفهم. هم صامتون في عفنهم اليومي وحزنهم المقيم، يكونون آراءهم في الحرية: الرأي الذي لا يستطيعون التعبير عنه إلا بالهروب المتواصل والانكماش في الذات، عندما يصبح الآخر، كل الآخر عدوا، تصبح الذات هي الملاذ الوحيد الآمن.
العمل الروتيني ليس بالسهل في هذه الأيام، حيث اختفى المتشردون تماما. كان عددهم يقارب 20 ألفا، إما أخذوا في الحملات اليومية، أو اعتقلوا لتهم غير واضحة ومبررة، أو اختبئوا في المجاري والغابات البعيدة عن يد الشرطة، أو أنهم قتلوا بالميثانول. كثير منهم هرب خارج مدينة الخرطوم، قيل إنه تم ترحيلهم إجباريا. البحث عنهم قد يقود إلى صدام مع جهات ذات قوة ونفوذ لا قبل لنا بها. في واقع الأمر نحن نتجنب الدخول في صراع مع أي جهة كانت، نحب أن نقوم بعملنا بهدوء وصبر وأمان، فليست مسئوليتنا أن نغير العالم في ليلة وضحاها، ولسنا أيضا الوحيدين المسئولين من ذلك، والتفكير بهذه الطريقة هو المخرج الوحيد لنا من الأزمات النفسية. قد تدربنا على ذلك، إلا أننا كنا دائما ما ننسى ما تعلمناه في غرف وحجرات التدريب إلى ما تعلمناه ونتعلمه يوميا في الحياة من صراعنا ومعاناتنا اليومية، أو ما ورثناه من قيم إنسانية غير معيارية؛ أي أننا لا نستطيع أن نفرق بين ما هو واجب عملي نأخذ عليه أجرا شهريا، وبين ما هو واجب إنساني علينا القيام به، بدافع وجودنا في هذا الكون معا.
كنا محبطين وحزانى ... لم نستطع أن نخرج من جحر تأنيب النفس والضمير، ودائما ما نجد سببا لذلك. كنا نحس بالتقصير، بودنا أن نفعل أكثر من ذلك. هناك آلاف الفرص التي إذا كنا قد استغللناها بصورة مختلفة لحققنا نتائج أفضل ، ولكان الواقع أفضل مما هو عليه الآن ولو بنسبة ضئيلة. اقترحت دكتورة مريم أن نخرج من جب الأحزان هذا وأن نرفه عن أنفسنا، بأن نذهب في رحلة جماعية إلى مكان بعيد عن العاصمة البائسة. كان اقتراحا وجيها جدا، لكن من يحمينا من المتشائمين، مثل الأستاذة حكمة رابح التي عندما اتصلنا بها تليفونيا لكي تنضم إلينا قالت: إذا كانت عندكم قروش ما عايزنها، أنا بعرف طالبات فقيرات ما عندهم حق الفطور، ويحتاجون لكتب ودفاتر للمحاضرات.
Page inconnue