وأما قوله: (ما جعل الله من بحيرة ولا سآئبة ولا وصيلة ولا حام) (¬1) فهو نظير قوله: (وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين) (¬2) ، ومثل قوله: (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا) (¬3) أي أنه أراد: لم يخلق السماوات والأرض وما بينهما للعب ولا للباطل، كما قال أهل التكذيب بالله والإنكار لأمره: من الرسل، والبعث، بل خلق السماوات والأرض وما بينهما، ليحق الحق ويبطل الباطل، ويدل على ذلك بقوله: (ما خلقناهما إلا بالحق) (¬4) ، وكذلك قوله: (ما جعل الله من بحيرة ولا سآئبة ولا وصيلة ولا حام) (¬5) يقول: إنه لم يجعل هذه الأنعام لأن تبحر، ولا أن تسيب، ولا أن تتخذ وصيلة ولا حاما، كما قالوا، بل جعلها حمولة، ومأكولة، لا كما قال المشركون. فليس هذا من الذي ذهب إليه أهل القدر في شيء، وهو أبين من أن يغلط في تأويله غالط، والله ولي التوفيق.
أدلة أخرى:
¬__________
(¬1) سورة المائدة آية رقم 103.
(¬2) الآية 38 من سورة الدخان، وذكر في المطبوعة أنها آية الأنبياء 16، وآية الأنبياء (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين(.
(¬3) الآية 27 من سورة ص، وتكملة الآية: (ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار).
(¬4) الآية 39 من سورة الدخان، وتكملة الآية: (ولكن أكثرهم لا يعلمون(.
(¬5) سورة المائدة آية رقم 103، وتكملة الآية: (ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون). وقد سقطت في المطبوعة (سائبة ولا).
Page 53