ولد بأنطاكية في منتصف القرن الرابع، وكان من أقران فم الذهب في اقتباس العلوم ومعلما لنسطور وتوادوريطوس المار ذكره، وقاوم أولا تباع أبولينار شديد المقاومة فرقي إلى أسقفية المصيصة في كيليكية سنة 394 على الأصح، ولكنه تهور بضلالي بلاجيوس ونسطور، ويسميه النساطرة أباهم، وقد كتب مؤلفاته باليونانية، وترجمت من تلك الأيام إلى السريانية، وعني بترجمتها إيهيبا أسقف الرها وهي منطوية في واحد وأربعين مجلدا أكثرها في تفسير الأسفار المقدسة، وله كتاب في الكهنوت وكتابان في الروح القدس وكتاب في التجسد، وكتابان في رد مذهب الفرس إلى غيرها، وله أيضا نافور في رتبة القداس وأدركته الوفاة سنة 429.
قورش وإخسنيا أسقفي منبج
أما قورش فأصله يوناني رقي إلى أسقفية منبج، واستمر فيها إلى نحو سنة 485 ولما توفي أقام بطرس القصار البطريرك الأنطاكي خلفا له إخسنيا، ويسمى فيلكسينوس وكان قورش نسطوريا وإخسنيا أوطاخيا، ولقورش من التآليف مقالة في تقسيم الأديان والبدع وله خطب كثيرة، وأما إخسنيا فرقي إلى الأسقفية سنة 485 وكان مجدا في مقاومة المجمع الخلكيدوني ومناصبة من يذعنون لمراسيمه، واضطهد الكاثوليكيين في أيام ساويروس البطريرك، فنفاه الملك يوستينوس مع ساويروس البطريرك إلى مدينة في تراسة، ثم نقل إلى كنكورا وهناك توفي مفطسا بالدخان نحو سنة 520، ويعتده اليعاقبة شهيدا، وأما تآليفه فهي تفاسيره لبعض الأسفار المقدسة وترجمة الأناجيل من اليونانية إلى السريانية في منبج سنة 508، واليعاقبة يستعملون هذه الترجمة التي هذبها توما الحرقلي، وله أيضا نافور للقداس ورتبة منح سر المعمودية يستعملها اليعاقبة، وله أيضا ثلاث مقالات في الثالوث والتجسد، وعشر مقالات في أن أحد أقانيم الثالوث الأقدس ولد وتألم إلى غيرها.
وقد ذكرنا في تاريخنا المطول كثيرين من أساقفة سوريا من أكثر مدنها من صفحة 333 من المجلد الرابع إلى صفحة 349 منه، فمن شاء الاطلاع على تراجمهم فليراجعها هناك. (4) في بعض القديسين الذين كانوا في القرن الخامس
القديس سمعان العمودي
ولد في قرية سيسان من بلاد قورش ومات والده ثم عمة له جعلته وارثا لثروتها، فترك العقار لإخوته وباع الأثاث والملابس ووزعها على الفقراء والأديار، وعكف على التقشفات في دير تولادا وأقام في قلاية حرجة عشر سنين، ثم أقام على أعمدة قصيرة ثم على عمود رفيع علوه أربعين ذراعا واستمر في ذلك سبعا وأربعين سنة، وضع الله على يده آيات كثيرة في حياته وبعد وفاته ... منها أن بعض أهالي لبنان أتوا يسألونه أن يقيهم بعض الضواري، التي كانت تفترس بعضهم، فأرشدهم أن يغادروا الوثنية ويتنصروا ويقيموا حول كل قرية من قراهم أربعة صلبان فنجوا من تلك الضواري، وقد روى السمعاني أن هذه القرى كانت في قمة لبنان الشمالية، وأن رسم هذه الصلبان كان في حصرون وبشري وأهدن وقيطو، وكانت وفاته سنة 459 وعمره نحو سبعين سنة، واحتفل المؤمنون بجنازته غاية الاحتفال.
القديس إسحق الكبير
كان كاهنا في أنطاكية في منتصف القرن الخامس، وقد تتلمذ لزينوبيوس تلميذ القديس إفرام، وتوفي سنة 460، وله تآليف كثيرة وأخصها تفنيد لمزاعم النساطرة والأوطاخيين، على أن كتبه هذه قلما بقي منها لإغفال النساطرة وأصحاب الطبيعة الواحدة نسخها؛ لأنها مفندة لضلالهم، وأما من مؤلفاته الأدبية والروحية، فبقي منها مائة وأربع قصائد أو خطب ذكرها السمعاني في المجلد الأول من المكتبة الشرقية من صفحة 214 إلى صفحة 229.
القديس مارون الناسك وتلاميذه
روى ترجمته توادوريطوس أسقف قورش في كتابه في النساك فصل 16، فقال: إنه عزم أن يصرف حياته في البرية لا يأوي منزلا، فتسلق إلى قمة جبل قورش فكرس لله معبدا للوثنيين، وكان يجهد نفسه في الأعمال اليدوية التي اعتادها النساك، ومن عليه الله الجواد بموهبة شفاء الأمراض، فأتى إليه الزائرون من كل فج فكان يشفيهم من أدوائهم الجسدية والروحية، وصار له تلاميذ كثيرون ورقاه أسقفه إلى درجة الكهنوت، وكان صديقا للقديس يوحنا فم الذهب تدلنا على ذلك رسالة فم الذهب إليه، وهي السادسة والثلاثون من رسائله، وقد توفاه الله سنة 410 على الأرجح ... وكان بين مجاوريه نزاع على دفن جثته، وتغلب أهل حماة على غيرهم فاختطفوا جثته الكنز النفيس كما سماها توادوريطوس، وبنوا على اسمه هيكلا عظيما، وأخذ المؤمنون بعد وفاته يعيدون لذكره بحفلات عامة كما روى توادوريطوس أيضا.
Page inconnue