ثانيا:
أن قبائل من العرب بني سبأ ظعنوا في القرون الأولى إلى سورية، فإن الخطوط التي كشف دي فوكواي عنها في الصفا وجنوبي دمشق وشرقيها كانت حميرية، وقد نسخ مائتين وستين خطا عن صخور جبل الصفا، وأثبتت أن قبائل هؤلاء العرب قد انقسموا إلى فصيلتين: أقامت إحداهما مملكة الحيرة في ما بين النهرين، وأقامت الأخرى بسورية وعرفت بالتنوخيين، وولاهم الرومانيون على بعض الأعمال، وفي أواخر القرن الثالث أتت فصيلة من بني إزد، وسموا بني غسان نسبة إلى ماء نزلوا عليه وولاهم الرومانيون على البلاد التي في عبر الأردن إلى ظهور الإسلام، وقد تنصروا وعنوا بتقديم العلم والصناعة، ومن آثارهم عدة أديار ومعابد.
ثالثا:
أن أهل هذه البلاد كانوا يؤرخون سنينهم بتاريخ السلوقيين الذي يبتدئ سنة 311ق.م، فجميع الخطوط التي وجدت في تدمر وحوران وأنطاكية وغيرها تراها مؤرخة بهذا التاريخ اليوناني.
رابعا:
أنه كان لتدمر في تلك الأيام تجارة واسعة منبسطة إلى جهات كثيرة بين المشرق والمغرب، وكان لهم طريقان الأولى شمالية مؤدية إلى سلوقية وبلاد البرتيين ، والثانية جنوبية تمتد في بلاد العرب، وقال بلين (في التاريخ الطبيعي ك22): «إن مال تجارتهم مع رومة وحدها لم يكن يقل عن مائة مليون دينار.»
خامسا:
كان من عادة التدمريين الموسرين أن يقيموا أعمدة لزينة مدنهم، ويستدل على ذلك بعدة خطوط ذكرها دي فوكواي في كتابه المذكور.
سادسا:
أنبأتنا آثار تدمر أيضا بأسرة أذينة التي ملكت في هذه المدينة، وانبسط ملكها إلى مصر أيضا في أيام أذينة الثاني وزوجته زبيدة أو زينب مفصلة أفراد هذه الأسرة، والمتحصل من الآثار أن أذينة جدهم الأول كان في القرن الثاني نصور، ثم وهبلات وحيران الذي عاون سبتيموس ساويروس في حربه مع البرتيين، فجعله عاملا على بعض البلاد، ثم ابنه سبتيموس أذينة الأول ثم أذينة الثاني الذي كانت امرأته زبيدة أو زينب الشهيرة، التي ملكت مع ابنيها وهبلات وإتيندر، وانبسط حكمهم واستحوذوا على مصر سنة 267 كما سيجيء.
Page inconnue