Dialogues d'Alfred North Whitehead
محاورات ألفرد نورث هوايتهد
Genres
تناولت العشاء مع آل هوايتهد، وقد أمعنا في فصل الربيع إلى درجة لا يستحب فيه المسير على الأقدام من ميدان هارفارد إلى النهر، وأزهرت أشجار الدردار، واخضرت بقاع العشب الصغير أمام بيت هكس، ذلك المسكن الريفي الأبيض الخشبي ذي السقف المنحني، الذي كان مقرا للجنرال إسرائيل بتنام أثناء حصار بوسطن في عامي 1775م و1776م، وقد أبعد الآن عن مكانه الأول وأصبح مكتبه دار كيركلاند، ثم ظهر بعد ذلك المدخل المقوس لبيت كيركلاند ذاته، ذلك المدخل الضخم الرسمي بما فيه من أبواب حديدية مثبتة في واجهة من الطوب الأحمر على طراز عصر النهضة، وبدت بعد ذلك على رأس زاوية تقاطع شارع بويلسطن ومموريال درايف واجهة أخرى من طراز عصر النهضة، وهي واجهة المكتبة بدار إليوت، التي تعترض نوافذها التي تتجه غربا أعمدة قصيرة بيضاء.
وقد اخضرت كذلك شواطئ النهر، وازدهرت أشجار الجميز التي تمتد على جانبي مموريال درايف، وكان سطع النهر ساكنا لا يهتز كأنه صفحة المرآة، ولا يشق سكونه إلا بضعة ملاحين رسوا منذ برهة عند مرسى «نول» ثم رفعوا سفينتهم إلى أعالي النهر مزمعين السير إزاء الرصيف حتى يبلغوا مرسى القوارب، وانبعث من النهر نسمة باردة تفوح برائحة الماء العذب المستساغة، التي تنعش الروح كما جاء في أغنية شوبير.
وكان العشاء في السابعة، أو في السادسة فعلا؛ لأننا دخلنا الآن فيما يسميه الفلاحون «ضوء النهار الضائع»، والضيوف الآخرون نورث ومارجت وشيلا، وهم الابن وزوجته والحفيدة على التوالي، و«دكتور والتر ب. كانون».
1
وزوجته كورنيليا.
2
وهو رجل من الغرب الأوسط أحمر البشرة بغير هندام، ذو صوت عميق، ساذج، صريح، لا يعرف اللغو، حجة في موضوعه، مثقل بألقاب الشرف التي لا تبدو على مظهره. وزوجته شديدة الشبه به، روحها الفكاهية قوية، رقيقة، متعلمة، بارعة، ذكية، لا ترى داعيا للانحياز. ولم تكن هناك حاجة إلى ضياع الوقت في المقدمات الاجتماعية.
وانعكست على المائدة أشعة صفراء منبعثة من الشمس الغاربة، ممتدة فوق الأسقف والمسلات وقمم الأشجار في كمبردج، وكان لها على المائدة بريق الفضة وتلألؤ الزجاج، وهي ترسل الضوء براقا فوق أعواد السوسن الصفراء المودعة في إناء للزهر وسط الغرفة، وكانت مسز كانون على أحد طرفي المائدة، ومسز هوايتهد على الطرف الآخر.
وتحدث الدكتور كانون عن روسيا وألمانيا والصين حيث كان يقوم بالسياحة ويحضر مؤتمرات طبية في الصيف الماضي.
وكان إيفان بافلوف، العالم الروسي (صاحب نظرية رد الفعل المشروط) أحد أصدقائه القدامى، وذكر لنا أن بافلوف - كعادته - كان يعلق على الحوادث العالية إبان الأيام الأولى للثورة، وذلك قبل أن يبدأ سلسلة محاضراته العلمية المنتظمة. استدعته التشيكا (وهي الهيئة القديمة التي كانت تقاوم النشاط المناهض للثورة)، وبعدما استجوبوه برهة من الوقت، أخرج ساعته وقال: «أرجو المعذرة أيها السادة؛ فإن عندي محاضرة علي أن ألقيها.» ثم انصرف.
Page inconnue