Les évadés de Tombouctou : À la recherche de la cité légendaire et la course pour sauver ses trésors
مهربو كتب تمبكتو: السعي للوصول إلى المدينة التاريخية والسباق من
Genres
الفصل الثالث
الجحيم ليس ببعيد
مارس 2012
بحلول عام 2012، كانت تمبكتو التي عرفها حيدرة في شبابه قد تبدلت متبعة الطرق الحديثة المعتادة. كانت حينئذ مكانا يحوي شاحنات تنخر وعوادم ديزل، وسيارات رباعية الدفع ودراجات بخارية ملوثة للبيئة، وأضواء كهربائية، وأجهزة تليفزيون ذات شاشات بلازما مسطحة بمقاس أربع وخمسين بوصة وبها مائة قناة فضائية تعيد عرض أفلام «ستار تريك». كانت لوحات الشوارع الإعلانية تعلن عن كوكاكولا وخدمات الهواتف المحمولة بنظام الدفع المسبق، بينما كان المتسوقون الذين يرتدون سراويل الجينز والتيشيرتات يفحصون الملابس الشبابية في متجر هارلم الخاص بألمادو ديكو ومركز فيكتوريا التجاري بما فيه من «موضات الملابس الجاهزة». كان احتمال أن يرتدي الأطفال الذين يلعبون في الشوارع قمصان فريقي برشلونة وريال مدريد المخططة يضاهي احتمال أن يرتدوا قمصان منتخب مالي بألوانها الحمراء والخضراء والذهبية.
ولكن حتى ذلك الوقت ظلت بعض الأشياء كما كانت دوما. كانت أوقات الأعياد لا تزال تحسب تبعا للتقويم القمري، والأيام تضبط في الأغلب تبعا لارتفاع الشمس وتحدد أوقاتها تبعا لمواقيت الصلاة. فقبل ساعة من شروق الشمس، كان المؤذن يؤذن لصلاة الفجر، فيتوضأ المؤمنون متخلصين من نعاسهم ويصلون متوجهين صوب الشرق. كانت النساء اللواتي كن يتولين إدارة مخابز المدينة يلقمن الأفران العامة المبنية في كل زاوية شارع بحلقات مسطحة من العجين، ويملأن الهواء بالروائح العتيقة للدخان الناتج عن حرق الخشب وصنع الخبز. وكانت الحمير لا تزال تجر العربات، وكانت الماعز والأغنام لا تزال ترعى وسط بقايا الطعام في الشارع، بعدما أطلقت من حظائر مصنوعة من عصي وحبال ومن - ويا له من ابتكار - سيور مراوح السيارات القديمة.
وعند النهر، كان متعهدو النقل ينزلون من القوارب حاملين حمولات في طريقها إلى السوق الكبير. وفي الطريق إلى المدينة كانوا يمرون بمزارعين يحرثون حقولهم ونساء ينفضن غسيلهن ويضعنه على الشجيرات ليجف. ومع أن ألواح الملح كانت تجلب بالشاحنات هذه الأيام، فقد كانت لا تزال تعرض للبيع في السوق الصغير، إلى جانب الأسماك الطازجة والمجففة، ولحم الماعز، والضأن، والبقري، والجملي.
بعد صلاة الضحى، كان أهل تمبكتو يعودون للبيت لتناول الطعام، وبعد ذلك، عندما تكون الشمس قد وصلت إلى ذروتها الشديدة، كانوا يجدون لأنفسهم مكانا ظليلا ليناموا. وعند وقت صلاة العصر كانوا يستيقظون ويعودون للعمل حتى وقت صلاة المغرب، عند الغسق. وكان من عادتهم بعد ذلك، في المساء العليل، أن يمضوا للقاء أصدقائهم، ليتبادلوا أحاديث النميمة، ويشربوا الشاي، ويعزفوا الموسيقى، ويلعبوا ألعابا، ويتحدثوا في السياسة والشعر حتى وقت صلاة العشاء، وعندئذ كانوا يستعدون للنوم.
طيلة أسابيع، كان الحديث عن الأزمة قد استحوذ على هذه التجمعات المسائية. كان قلة من الناس في الأيام الأولى من العام قد اعتقدوا أن من شأن القتال أن يصل إلى تمبكتو. وفي يناير، سأل محمد دياكيتي، وهو موظف كبير في معهد أحمد بابا، النصيحة من جندي صديق له: هل ينبغي أن يبقي عائلته هنا أم يتوجه إلى بلد أكثر أمانا في الجنوب؟ أجاب الجندي قائلا إنه لن يكون ثمة مشكلة في تمبكتو. فالمدينة نفسها ستظل آمنة. ومع ذلك، بعد ذلك بفترة، بدأت وجهة نظر الجندي في التغير. كانت الأمور قد انحرفت عن مسارها، وكشأن الجميع كان لديه الآن «القليل من الخوف.»
ثم بدأت الأمور تتغير بسرعة كبيرة. وبدا الأمر لدياكيتي غير حقيقي، وكأنه حلم.
في يوم الخميس، التاسع والعشرين من مارس، بعد أسبوع من الانقلاب في باماكو، أعلن كبراء المدينة عن اجتماع في فدان الرمال الواسع بجوار مسجد سانكوري ليحاولوا توحيد صفوف المجتمعات المحلية خلف الميليشيا العربية في المدينة، قوة دلتا. دعي الناس من كل مجموعات تمبكتو العرقية - السونجاي، والفولانيين، والبامبارا، والطوارق، والبيلا، والدوجون - لتقديم أي شيء بوسعهم توفيره لدعم المقاتلين الذين كانوا حينئذ معقد أملهم. فقدموا مالا، وحبوبا، وماشية، ولفات من القماش، وقدم كل ذلك مع إظهار قدر عظيم من التضامن، وشعروا بالأمان بقدر أكبر قليلا.
Page inconnue