كِتَابُ الْمُحَارَبَةِ مِنْ مُوَطَّإِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ رِوَايَةُ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّدَفِيِّ سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَقَابَلْتُهُ بِكِتَابِهِ حَرْفًا بِحَرْفٍ، صَحَّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَسَمِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّبَعِيُّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي سُحْنُونٌ، وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ، وَأَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ قَالُوا: وَحَدَّثَنِي بِهِ أَيْضًا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ سُحْنُونٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، صَحَّ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: قَطْعُ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ
وَأَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ مَرَّ بِرَجُلٍ قَدْ جُلِدَ، فَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: مَا هَذَا، فَقَالُوا: رَجُلٌ كَانَ يَقْطَعُ الدَّرَاهِمَ، فَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: هَذَا الْفَسَادُ فِي الأَرْضِ، وَسَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ سَعِيدٍ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ ذَلِكَ
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَاعِدًا وَهُوَ إِذْ ذَاكَ أَمِيرٌ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَأُتِيَ بِرَجُلٍ يَقْطَعُ الدَّرَاهِمَ، وَقَدْ شَهِدَ عَلَيْهِ، فَضَرَبَهُ وَحَلَقَهُ وَأَمَرَ بِهِ فَطِيفَ بِهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ يَقْطَعُ الدَّرَاهِمَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ أَنْ يُرَدَّ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَقْطَعَ يَدَكَ إِلا إِنِّي لَمْ أَكُنْ تَقَدَّمْتُ فِي ذَلِكَ قَبْلَ الْيَوْمِ، وَقَدْ تَقَدَّمْتُ فِي ذَلِكَ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَقْطَعْ
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ ضَرَبَ رَجُلا فِي قَطْعِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمَ
وَأَخْبَرَنِي دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ الْمَدَنِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ﴾ [هود: ٨٧] قَالَ زَيْدٌ: كَانَ مِنْ ذَلِكَ قَطْعُ الدَّرَاهِمِ.
قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: وَذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ ٧ - قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ ذَلِكَ، فَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ﴾ [هود: ٨٧]، مِثْلَ مَا قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ.
- قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: وَذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ، وَفِي ذَلِكَ الْعُقُوبَةُ مِنَ السُّلْطَانِ لِمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ يَقْطَعُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ.
- قَالَ: وَسَمِعْتُ اللَّيْثَ يَقُولُ ذَلِكَ.
مَا جَاءَ فِي الْمُحَارِبِ وَالْقَاطِعِ لِلسَّبِيلِ ١٠ - ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: مَا كَانَ مَنْ قَتَلَ غِيلَةً عَنْ غَيْرِ ظِنَّةٍ وَلا عَدَاوَةٍ وَلا نَائِرَةٍ، أَوْ مُحَارَبَةً لِلْمُسْلِمِينَ بِلُصُوصِيَّةٍ عَنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ فِي دِينٍ وَلا شُبْهَةٍ إِلا خُلُوعًا وَفِسْقًا وَمُحَارَبَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَمُرُوقًا، فَإِنَّهُ لَيْسَ لأَهْلِ الدَّمِ فِي ذَلِكَ قَبْضٌ وَلا شَرْطٌ مِنْ عَفْوٍ وَلا غَيْرِهِ، إِنَّمَا وَلِيَ ذَلِكَ الإِمَامُ.
- قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: قَتْلُ الْغِيلَةِ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلٌ رَجُلا عَلَى غَيْرِ ذِحْلٍ وَلا عَدَاوَةٍ، وَأَنْ يَقْتُلَ رَجُلٌ عَلَى مَالِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ يُعْفَى عَنْهُ، لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ قَتْلِ الْعَمْدِ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ وَالنَّائِرَةِ، وَإِنَّمَا قَاتِلُ الْغِيلَةِ يُعَدُّ مِنَ الْمُحَارِبَةِ، فَمَا كَانَ مِنْ قَتْلِ غِيلَةٍ عَنْ غَيْرِ ظِنَّةٍ وَلا عَدَاوَةٍ وَلا نَائِرَةٍ إِلا مُحَارَبَةً لِلْمُسْلِمِينَ بِلُصُوصِيَّةٍ، فَإِنَّمَا وَلِيَ ذَلِكَ الإِمَامُ.
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: بَلَغَنَا عَنْ عُلَمَائِنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: مَنْ حَارَبَ الدِّينَ فَقَتَلَ قَتِيلا أَوْ قَتَلَ رَجُلا غِيلَةً عَلَى مَالِهِ، فَالسُّلْطَانُ يَقْتُلُ بِهِ، لَيْسَ إِلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ مِنْ حَيَاتِهِ وَلا مَوْتِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ أَبَاهُ أَوْ أَخَاهُ ١٣ - وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ فِيمَنْ حَارَبَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ فِي عَلانِيَةٍ أَوْ غِيلَةٍ أَوْ فَسَادٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَالإِمَامُ وَلِيُّ عُقُوبَتِهِ يَقْتُلُهُ بِقَتْلٍ إِنْ قُتِلَ فِي عَلانِيَةٍ أَوْ غِيلَةٍ بِالْفَسَادِ بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْفَسَادِ، مِنْ ذَلِكَ قَتْلُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمَالِ يَكُونُ مَعَهُ، أَوْ قَطْعُ السَّبِيلِ بِالْخَرَابَةِ أَوِ اللُّصُوصِيَّةُ فِي الْعَلانِيَةِ، أَوِ الْغِيلَةُ أَوِ الْغَارَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ، وَالْفَسَادُ الْمَشْهُورُ فِي الأَرْضِ، وَالرَّدْعُ الَّذِي يُعَادِي فِيهِ وَلِيَّ الأَمْرِ، وَيُظْهِرُ فِيهِ مَعْصِيَتَهُ حَتَّى يَعْظُمَ فِيهِ الْفَسَادُ، كُلُّ هَذَا مِمَّا ذَكَرَ اللَّهُ فِي الآيَةِ.
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ سَمْعَانَ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ: مَضَتِ السُّنَّةُ فِي الْمُحَارِبِ الْخَارِبِ إِذَا قَتَلَ عُدْوَانًا وَبَغْيًا وَفَسَادًا فِي الأَرْضِ وَغِيلَةً فِي الدِّينِ وَلَمْ يُصِبْ مِنَ الأَمْوَالِ شَيْئًا أَنَّ الأَئِمَّةَ وُلَاةَ قِبَلِهِ يَقْتُلُونَهُ، لا يَصْلُحُ لِلإِمَامِ اسْتِبْقَاءَهُ، وَإِنْ قَتَلَ أَبَا رَجُلٍ أَوْ أَخَاهُ وَعَفَا عَنْهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَيْهِ، خَالَفَ الإِمَامُ السُّنَّةَ إِنْ أَحْيَاهُ.
وَإِذَا أَصَابَ الأَمْوَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلافٍ، وَإِذَا أُخِذَ فِي تُهْمَةٍ فِي الْخَرَابَةِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ إِلا بِحَقٍّ قَامَ عَدَائُهُ، وَظُهُورُ الْفِسْقِ فِي أَمْرِهِ نُكِّلَ وَنُفِيَ إِلَى بَلَدٍ سِوَاهُ، وَحُبِسَ فِي السِّجْنِ وَلَمْ يَنْبَغِ لِلْوَالِي أَنْ يُرْسِلَ بِبَلَدِهِ مَنْ يَتَخَوَّفَهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ
وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: نَرَى أَنْ يُقْتَلَ مَنْ قَتَلَ، وَيُقْطَعُ مَنْ غَصَبَ الأَمْوَالَ، وَيُجْتَهَدُ فِي مَنْ أَخَافَ النَّاسَ، وَإِنْ قَطَعَ فِيهِمَا الإِمَامُ أَوْ رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ اتَّبَعَ فِيهِمْ رَأْيَهُ وَيُنَكَّلُ مَنْ يَأْوِي مَنْ أَحْدَثَ فِي الدِّينِ
1 / 1
١٦ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ ابْنِ مَالِكٍ، أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﵇، فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَبَعَثَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى ذَودٍ لَهُ، فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَلَمَّا صَحُّوا ارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلامِ وَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ ﵇ مُؤْمِنًا وَاسْتَاقُوا الإِبِلَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﵇ فِي آثَارِهِمْ فَأُخِذُوا، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ وَصَلَبَهُمْ
1 / 2
١٧ - أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَدِمَ ثَمَانِيَةُ رَهْطٍ مِنْ عُكْلٍ فَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ أَبُو قِلابَةَ: ثُمَّ ارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلامِ وَقَتَلُوا أَوْ سَرَقُوا، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: وَتُرِكُوا حَتَّى مَاتُوا
1 / 3
١٨ - أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ: قَدِمَ نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فَأَسْلَمُوا ثُمَّ مَرِضُوا بِالْمَدِينَةِ وَاسْتَوْبَئُوهَا، فَبَعَثَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﵇ إِلَى لِقَاحٍ لَهُ، لِيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا فَكَانُوا فِيهَا، ثُمَّ عَمَدُوا إِلَى الرَّاعِي، غُلامٍ لِرَسُولِ اللَّهِ ﵇ فَقَتَلُوهُ وَاسْتَاقُوا اللِّقَاحَ، فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﵇ قَالَ: عَطَّشَ اللَّهُ مَنْ عَطَّشَ آلَ مُحَمَّدٍ اللَّيْلَةَ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﵇ فِي طَلَبِهِمْ، فَأُخِذُوا، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ عَلَى بَعْضٍ، إِلا أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ فِي الْحَدِيثِ: اسْتَاقُوهَا إِلَى أَرْضِ أَهْلِ الشِّرْكِ
1 / 4
١٩ - وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ، وَابْنُ سَمْعَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: أَغَارَ نَاسٌ مِنْ عُرَيْنَةَ عَلَى لِقَاحِ رَسُولِ اللَّهِ ﵇ وَاسْتَاقَوْهَا وَقَتَلُوا غُلامًا لَهُ فِيهَا، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ فَأُخِذُوا، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ
1 / 5
٢٠ - ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﵇، وَنَزَلَتْ فِيهِمْ آيَةُ الْمُحَارَبَةِ
1 / 6
٢١ - ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ، عَنْ أَبِي الزَّنَادِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﵇ لَمَّا قَطَعَ الَّذِينَ سَرَقُوا لِقَاحَهُ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ بِالنَّارِ، عَاتَبَهُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا﴾ [المائدة: ٣٣]، الآيَةَ كُلَّهَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ قَتَلَ أَوْ زَنَا أَوْ سَرَقَ فَهَرَبَ إِلَى أَرْضِ الْكُفْرِ وَأُعْطِيَ أَمَانًا قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ، هَلْ يُؤْخَذُ بِشَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْحُدُودِ أَمْ يُنْجِيهِ الأَمَانُ وَالْعَهْدُ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: بَلَغَنَا عَنْ عُلَمَائِنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: مَنْ حَارَبَ الدِّينَ فَقَتَلَ قَتِيلا، أَوْ قَتَلَ رَجُلٌ عَلَى مَالِهِ غِيلَةً فَالسُّلْطَانُ يَقْتُلُ بِهِ، وَلَيْسَ إِلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ مِنْ حَيَاتِهِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ أَبَاهُ أَوْ أَخَاهُ، قَالَ يُونُسُ: وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: إِذَا أُخِذَ قَبْلَ أَنْ يَكْفُرَ أَوْ كَفَرَ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَسْلَمَ ثُمَّ أُخِذَ، قَالَ: تُقَامُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ، حَدَّ الزَّانِي إِنْ كَانَ زِنًا، وَيُقْتَلُ إِنْ كَانَ قَتَلَ، قَالَ يُونُسُ: وَقَالَ رَبِيعَةُ: تُقَامُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ، وَذَلِكَ لأَنَّهَا لَوْ عَفِيَتْ لِمَنْ أَصَابَهَا، ثُمَّ فَرَّ إِلَى أَرْضِ الْكُفْرِ فَكَفَرَ أَوْ أَقَامَ عَلَى إِسْلامِهِ، فَحَمَلَ أَصْحَابُ الْحُدُودِ التَّنَجِّي مِنْهَا أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى أَرْضِ الْكُفْرِ فِرَارًا مِنَ الإِسْلامِ وَخُرُوجًا مِنَ الإِسْلامِ إِلَى الْكُفْرِ، فَمَنْ أَصَابَ حَدًّا بَيْنَ ظَهْرَانِيِّ الْمُسْلِمِينَ فَلا يُنَجِّيهِ مِنْهُ شَيْءٌ عَمِلَهُ وَلا بَلَدٌ بَلَغَهُ وَلا حَرْثٌ دَخَلَ فِيهِ
وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ، وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُمْ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَاهُ عَنِ الرَّجُلِ يَتَلَصَّصُ فَيُصِيبُ الْحُدُودَ، ثُمَّ يَأْتِي تَائِبًا، أَيُقَامُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا أَصَابَ أَمْ لا، فَقَالَ: لَوْ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُمُ اجْتَرَءُوا عَلَيْهِ وَفَعَلَهُ نَاسٌ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ لَوْ فَرَّ رَجُلٌ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ، ثُمَّ مَكَثَ فِيهِمْ، ثُمَّ جَاءَ تَائِبًا لَمْ أَرَ عَلَيْهِ عُقُوبَةً
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [المائدة: ٣٣] إِلَى آخِرِ الآيَتَيْنِ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الْمُشْرِكِينَ، فَمَنْ تَابَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَتْ تُحْرِزُ هَذِهِ الآيَةُ الْمُؤْمِنَ مِنْ حَدٍّ أَوْ قَتْلٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ أَوْ كُفْرٍ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ لَيْسَ يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ تُقَامَ عَلَيْهِ الْحُدُودُ وَالْقِصَاصُ
قَالَ يُونُسُ: وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: اللُّصُوصُ الَّذِينَ يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ وَلا يَخْشَوْنَ السُّلْطَانَ، وَهُمْ يَقْتُلُونَ وَيَسْلُبُونَ مَنِ اسْتَطَاعُوا ذَلِكَ مِنْهُ، فَكُلُّ أُولَئِكَ يُنْزِلُهُ الْمُسْلِمُونَ بِمَنْزِلَةِ الْمُحَارِبِ، لا يُجِيبُ دَعْوَتَهُمْ، وَالْقَطْعُ فِيهِمْ، وَيُخِيفُ سَبِيلَهُمْ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَا فَعَلَ الْوَالِي فِيهِمْ، فَهُوَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَوَابٌ مَنْ صُلِبَ مِنْهُمْ أَوْ قُتِلَ أَوْ قُطِّعَ أَوْ نُفِيَ، قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: وَقَدْ كَانَ مَنْفَى النَّاسِ مَنْ يُنْفَوْا فِي ذَلِكَ إِلَى بَاضِعَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَدَهْلَكَ، وَتِلْكَ النَّاحِيَةِ مِنْ أَقْصَى تِهَامَةِ الْيَمَنِ
قَالَ يُونُسُ: وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَمَّا الْمُحَارِبُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ يَقْطَعُ أَوْ يُعَاوِنُ عَلَى عَوْرَةٍ مِنْ عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ دِينٍ بَيْنَ ظَهْرَانِيِّهِمْ أَوْ بَعْضِ مَا يَكُونُ فِيهِ نَقْضُ ذِمَّتِهِ، فَرَضَ اللَّهُ فِيهِ مَا فَرَضَ عَلَى قَدْرِ ذُنُوبِهِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنُوا مِنْ عَمَلِ مَنْ عَمِلَ بِهِ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ تُهْمَتُهُ، وَكَانَ سِنُّهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ فِيهِ مِنَ الْعُقُولِ فَكَانَ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ تُهْمَتُهُ مِنْهُ يُسْنَدُ إِلَيْهِ بِالسُّوءِ، وَيُنْفَى إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ، وَلا يَعْجَلُ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ، لأَنَّهُ لَمْ يَسْتَيْقِنْ عَمَلَهُ وَلَمْ يَبْدُ أَمْرٌ عَلَى التُّهْمَةِ إِذَا بَدَتْ ظِنَّتُهُ، قَالَ اللَّهُ: ﴿إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾ [المائدة: ٣٤] .
فَمَنْ أَظْهَرَ ذَنْبَهُ وَتَابَ إِلَى اللَّهِ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ وَصَارَ عَلَى عَهْدِهِ، وَمَنْ اطَّلَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ فِيهِ مَا فَرَضَ اللَّهُ مِنْ نَكَالِهِ وَكَمَا أَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﵇ بَنِي الْحَقِيقِ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ إِلَى خَيْبَرَ اتَّهَمَهُمْ، وَكَمَا أَخْرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَهْلَ فَدَكٍ وَأَهْلَ حُنَيْنٍ إِلَى أَرِيحَا، وَأَهْلَ دِينِهِمْ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَإِنَّمَا كَانَ إِخْرَاجُهُمْ حِينَ نُفُوا لَمَّا وَصَلَ إِلَى الْعَرَبِ مِنَ الأَرَضِينَ لِدُنُوِّهِمْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، لأَنَّهُ لا يُصْلِحُهُمْ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ، فَلَيْسَ الْيَوْمَ يَنْفِي أَحَدٌ إِلَى عَدُوٍّ لا يَبْلُغُهُ مَشَالِحُ الْمُسْلِمِينَ وَلا مَسَاكِنُهُمْ إِلَى مَا جَاوَزَتِ الدُّرُوبُ وَالْبِحَارُ، وَلَكِنْ يُقَامُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ النَّكَالُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَالسِّجْنُ فِي عَمَلٍ يُؤَدِّي مِنْهُ الْجِزْيَةَ فِيمَا اتّهَمُوا عَلَيْهِ
قَالَ يُونُسُ: وَقَالَ رَبِيعَةُ: أَمَّا اللِّصُّ الْعَادِي مِمَّنْ يَدَّعِي بِالإِسْلامِ فَلَوْ أَنَّهُ تَابَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ حَقٌّ لأُقِيمَ عَلَيْهِ أَوْ تِبَاعَةٌ فِي جَسَدِهِ لأُتْبِعَتْ، أَوْ مَالٌ لِمُسْلِمٍ لأُخِذَ لَهُ مِنْهُ وَأُدَّيَ عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْهُ، وَلا تُنَجِّيهِ التَّوْبَةُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ وُضِعَتْ عَنْهُ تِلْكَ الْحُقُوقُ بِتَوْبَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ لَمْ يَزَلْ لِصًّا يَأْخُذُ أَمْوَالَ النَّاسِ الْمُسْلِمِينَ وَيَبْلُغُ أَنْفُسَهُمْ فَيَجْتَرِئُ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ فِيهِمْ، ثُمَّ يُنَادِي بِالتَّوْبَةِ فَيُوضَعُ عَنْهُ بِذَلِكَ الْحُقُوقُ وَنُكِّلَ
قَالَ يُونُسُ: وَقَالَ رَبِيعَةُ: فَإِذَا كَانَ اللِّصُّ عَادِيا لَمْ يُصِبْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَتَابَ قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ، كَانَ قَمِنًا مِنْ أَنْ لا يُعَاقَبَ عَلَى مَا مَضَى، لأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ حَقٌّ يُتَّبَعُ بِهِ إِلا رَأْيَ الإِمَامِ، وَإِنَّمَا يُعَاقَبُ الإِمَامُ لِيَرْجِعَ النَّاسُ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَإِنْ أَخَذَهُ الإِمَامُ مِنْ قَبْلِ تَوْبَتِهِ وَيُرَوِّعُهُ، رَأَى فِيهِ مِنْ عُقُوبَتِهِ عَلَى قَدْرِ مَا بَلَغَ مِنَ الذَّنْبِ، وَلا يُنْفَ مُسْلِمٌ مِنْ بَلَدٍ وَلا يَخْرُجْ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ، فَيَخْرُجْ مِنَ الإِسْلامِ إِلَى الْكُفْرِ، وَحَرَى أَنْ يَكُونَ مِنْ أُولَئِكَ مَنْ يُوَافِقُهُ بَعْضُ ذَلِكَ، إِلا أَنْ يُسْجَنَ الرَّجُلُ بِأَرْضِ الْغُرْبَةِ لِتَضِيقَ عَلَيْهِ وَلِيَبْعِدَهُ مِنْ رَحْمَةِ الْقَرَابَةِ
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى ابْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُحَارِبِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ: إِنْ كَانَ فَرَّ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ أَوْ تَرَكَ دِينَ الإِسْلامِ وَصَارَ عَلَى دِينِ مَنْ فَرَّ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ إِذَا أُخِذَ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ فِي أَرْضِ الإِسْلامِ فَقَطَعَ الطَّرِيقَ وَأَخَافَهُمْ، فَإِنَّهُ إِنْ أَصَابَ دَمًا قُتِلَ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْ دَمًا قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلافٍ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ وَلَمْ يُصِبْ دَمًا وَلا مَالا، فَإِنَّ النَّفْيَ فِيهِ، فِيمَا بَلَغَنَا، أَنْ يَخْرُجَ مِنْ أَرْضِهِ إِلَى أَرْضِ غَيْرِهَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ يَزِيدَ الْمَلَطِيَّ كَانَ فِي أَصْحَابٍ لَهُ، فَقَطَعُوا السَّبِيلَ وَانْتَهَبُوا الأَمْوَالَ وَلَمْ يَقْتُلُوا، فَأَمَرَ بِهِمْ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ ﵇ فَقَطَعَ مِنْ كُلِّ إِنْسَانٍ فِيهِمْ يَدًا أَوْ رِجْلا، قَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ: رَأَيْتُ بَعْضُهُمْ.
قَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ: إِنَّ الَّذِي يُفْسِدُ فِي الأَرْضِ، إِنْ قُتِلَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءِ ابْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَبْدِ الْكَرِيمِ قَالا: إِنْ أَقَرُّوا بِالإِسْلامِ، ثُمَّ حَارَبُوا فَلَمْ يَقْرَبُوا دَمًا وَلا مَالا حَتَّى أُخِذُوا فَفِيهِمْ حَكَمَ اللَّهُ إِلا أَنْ يُعْفَوْا، أَيُّ ذَلِكَ شَاءَ الإِمَامُ إِنْ شَاءَ قَتَلَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ صَلَبَهُمْ أَوْ قَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلافٍ، وَإِنْ شَاءَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَعَلَهُ وَيَتْرُكُ مَا بَقِيَ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَالَ عَطَاءٌ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ: وَإِنْ أَقَرُّوا بِالإِسْلامِ، ثُمَّ حَارَبُوا وَلَمْ يَقْرَبُوا دَمًا وَلا مَالا حَتَّى تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِمْ، وَلا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ أَصَابُوا دَمًا أَوْ مَالا، ثُمَّ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِمْ، اقْتُصَّ مِنْهُمْ مَا أَصَابُوا قَطُّ، ثُمَّ أُعْفَوْا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: أَيُّمَا شَاءَ الإِمَامُ فَعَلَ فِي الْمُحَارِبِ إِذَا أُخِذَ ٣٣ - ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْمُحَارِبِ الَّذِي يَقْطَعُ السَّبِيلَ وَيَنْفِرُ بِالنَّاسِ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَيَعْظُمُ فَسَادُهُ فِي الأَرْضِ إِنَّهُ إِذَا ظَهَرَ عَلَيْهِ قَتْلٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ أَحَدًا، وَقَدْ كَانَ أَعْظَمَ الْفَسَادَ وَأَخَافَ السَّبِيلَ وَذَهَبَ بِأَمْوَالِ النَّاسِ.
قَالَ: فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ تَائِبًا، فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَرَى فِيهِ رَأْيَهُ فِي الْقَتْلِ أَوِ الصَّلْبِ أَوِ الْقَطْعِ أَوِ النَّفْيِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَيَسْتَشِيرُ فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي اللُّصُوصِ يَقْتُلُونَ الْقَتِيلَ أَوِ الْقَتْلَى مِنَ النَّاسِ، ثُمَّ يُؤْخَذُونَ، فَلا يَدْرِي مَنِ الَّذِي كَانَ يَقْتُلُ مِنْهُمْ، إِنَّ الإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِيهِمْ، إِنْ شَاءَ قَتَلَهُمْ وَإِنْ شَاءَ صَلَبَهُمْ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُحَارِبِ الْمُعْلِنِ لِمُحَارَبَتِهِ أَوْ مَنْ كَانَ مُسْتَخْفِيًا بِذَلِكَ وَهُوَ يَظْهَرُ فِي النَّاسِ، قَالَ: الْمُعْلِنُ وَالْمُسْتَخْفِي فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، إِذَا كَانَ إِنَّمَا يُرِيدُ الأَمْوَالَ، فَإِنَّهُ إِنْ أَخَافَ فَقَطَعَ السَّبِيلَ أَوْ قَتَلَ، فَذَلِكَ إِلَى السُّلْطَانِ يُقِيمُ عَلَيْهِ أَيَّ هَذِهِ الْخِصَالِ رَأَى بِالاجْتِهَادِ فِي قَدْرِ جُرْمِهِ وَفَسَادِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَى هَوَى الإِمَامِ وَلَكِنْ إِلَى اجْتِهَادِهِ، وَالنَّفْيُ إِلَى أَرْضِ غُرْبَةٍ مِنْ بِلادِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَدْ نَفَى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى فَدَكٍ.
- ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي اللِّصِّ الْمُحَارِبِ الَّذِي يَقْطَعُ السَّبِيلَ، إِنَّهُ إِذَا جَاءَ تَائِبًا فَإِنَّ الإِمَامَ يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلا يُعَاقِبُهُ فِي شَيْءٍ أَتَاهُ، إِلا أَنْ يَأْتِيَ أَحَدٌ يَطْلُبُهُ بِدَمٍ أَوْ مَالٍ، فَإِنَّ الإِمَامَ يَأْخُذُهُ بِذَلِكَ وَيُقِيمُهُ عَلَيْهِ، وَكُلُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ، فَإِنَّ الإِمَامَ لا يَضَعُهُ عَنْهُ، وَإِنْ جَاءَ تَائِبًا، فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَقْبَلُ مِنْهُ وَيَضَعُ عَنْهُ الْقَتْلَ وَالصَّلْبَ وَالْقَطْعَ وَالنَّفْيَ، إِلا أَنْ يَأْتِيَ أَحَدٌ يَطْلُبُهُ بِشَيْءٍ، فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ مِنْهُ، لا يَضَعُ السُّلْطَانُ لِتَوْبَتِهِ حُقُوقَ النَّاسِ قَبْلَهُ.
- قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ﴾ [المائدة: ٣٣] قَالَ: النَّفْيُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَنْفِيَهُ السُّلْطَانُ مِنْ بَلَدِهِ ذَلِكَ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ، ثُمَّ لا يَتْرُكُهُ يَرْجِعُ إِلَى بَلَدِهِ حَتَّى يَعْرِفَ مِنْهُ التَّوْبَةَ وَحُسْنَ الْحَالِ.
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّ عَامِلا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَذَ نَاسًا فِي حِرَابَةٍ وَلَمْ يَقْتُلُوا، فَأَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ أَوْ يَقْطَعَ، فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَوْ أَخَذْتَ بِأَيْسَرِ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ: يُرِيدُ بِذَلِكَ النَّفْيَ
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ الصَّلْتَ كَاتِبَ حَيَّانَ بْنِ شُرَيْحٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ حَيَّانَ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنَّ نَاسًا مِنَ الْقِبْطِ قَامَتْ عَلَيْهِمُ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُمْ حَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَسَعَوْا فِي الأَرْضِ فَسَادًا، وَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ﴾ [المائدة: ٣٣]، وَسَكَتَ عَنِ النَّفْيِ.
وَكَتَبَ: فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَمْضِيَ قَضَاءُ اللَّهِ فِيهِمْ فَلْيَكْتُبْ بِذَلِكَ.
فَلَمَّا قَرَأَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كِتَابَهُ قَالَ: لَقَدِ اجْتَرَأَ حَيَّانُ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي كِتَابُكَ وَفَهِمْتُهُ، وَلَقَدِ اجْتَرَأْتَ لَكَأَنَّمَا كَتَبْتَ بِكِتَابِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ أَوْ صَالِحٍ صَاحِبِ الْعِرَاقِ مِنْ غَيْرِ أَنْ أُشَبِّهَكَ بِهِمَا، وَكَتَبْتَ بِأَوَّلِ الآيَةِ، ثُمَّ سَكَتَّ عَنْ آخِرِهَا، وَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ﴾ [المائدة: ٣٣]، فَإِنْ كَانَتْ قَامَتْ عَلَيْهِمُ الْبَيِّنَةُ بِمَا كَتَبْتَ بِهِ فَاعْقِدْ فِي أَعْنَاقِهِمْ حَدِيدًا، ثُمَّ غَرِّبْهُمْ إِلَى شَغْبٍ وَبَدَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَغَيْرِهِ بِنَحْوِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ تَذْكُرُ قَوْلَ اللَّهِ ﵎ فِي الْمُحَارِبِ، وَتَرَكْتَ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ﴾ [المائدة: ٣٣]، فَبِئْسَمَا أَنْتَ يَا حَيَّانُ بْنَ أُمِّ حَيَّانَ، لا تُحَرِّكِ الأَشْيَاءَ عَنْ مَوَاضِعِهَا، إِذْ تَجَرَّدْتَ لِلْقَتْلِ وَالصَّلْبِ، كَأَنَّكَ عَبْدُ بَنِي أَبِي عَقِيلٍ، مِنْ غَيْرِ أَنْ أُشَبِّهَكَ بِهِ، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَانْفِهِمْ إِلَى شَغْبٍ ٣٩ - قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا﴾ [المائدة: ٣٣]، الآيَةَ كُلَّهَا، قَالَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ: فَمَنْ نَزَلَ بِهَذَا الْمَنْزِلِ فِي دَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ دَعْوَتِهِمْ فَحَارَبَهُمْ وَقَطَعَ سَبِيلَهُمْ وَسَعَى بِالْفَسَادِ فِي الأَرْضِ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ هَذِهِ الأَحْكَامَ تَجْرِي عَلَيْهِمْ بِاجْتِهَادِ الإِمَامِ بَعْدَ الْمَشُورَةِ مِمَّنْ هُوَ أَهْلٌ لَهَا، فَإِنْ قَتَلَ هَذَا الْمُحَارِبُ أَحَدًا قُتِلَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ وَقَدْ أَعْظَمَ الْفَسَادَ، حَلَّ بِذَلِكَ دَمُهُ، وَكَانَ الإِمَامُ يَرَى فِي ذَلِكَ رَأْيَهُ أَنْ قَتَلَهُ أَوْ صَلَبَهُ أَوْ قَطَعَهُ، كَانَ ذَلِكَ لَهُ، لأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا قَالَ: ﴿وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا﴾ [المائدة: ٣٣]، وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَتْلَ بِخَاصَّةٍ إِلا مَا يَدْخُلُ فِيهِ الْقَتْلُ وَغَيْرُهُ مِنْ جُمْلَةِ الْفَسَادِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لا يَنْبَغِي أَنْ يُقْتَلَ إِلا إِذَا قَتَلَ، فَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ قَتْلَ النَّفْسِ بِالْفَسَادِ حِينَ قَالَ: ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ﴾ [المائدة: ٣٢]، إِنَّهُ يَقُولُ: بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ بِغَيْرِ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ، يَقُولُ: فَمَنْ قَتَلَهُ وَلَمْ يَقْتُلْ نَفْسًا وَلَمْ يُفْسِدْ ﴿فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: ٣٢]، وَلَمْ يُخَصِّصِ اللَّهُ الْقَتْلَ فِي ذِكْرِ الْمُحَارَبَةِ بِشَيْءٍ إِلا مَا يَجْمَعُهُ وَغَيْرَهُ مِنَ الْفَسَادِ، وَلَكِنَّ الْفَسَادَ يَخْتَلِفُ، فَمِنْهُ مَا يَكُونُ كَبِيرًا عَظِيمًا، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَالإِمَامُ يَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ رَأْيَهُ فِي الْقَتْلِ أَوِ الْقَطْعِ أَوِ الصَّلْبِ.
1 / 7
٤٠ - ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﵇ يَقُولُ: " لا يَحِلُّ قَتْلُ الْمُؤْمِنِ إِلا فِي ثَلاثِ خِلالٍ: أَنْ يَقْتُلَ فَيُقْتَلَ بِهِ، أَوْ بِزِنًا بَيِّنٍ فَيُرْجَمُ، أَوْ بِفَسَادٍ فِي الأَرْضِ "، وَاللَّهِ، مَا أَتَى عُثْمَانُ مِنْ هَؤُلاءِ الثَّلاثِ شَيْئًا
1 / 8
٤١ - ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ: لا نَعْلَمُهُ يَحِلُّ قَتْلُ الْمُسْلِمِ إِلا بِأَرْبَعَةٍ: بِأَنْ يَكْفُرَ بَعْدَ إِيمَانِهِ، أَوْ يَقْتُلَ نَفْسًا فَيُقَادَ بِهَا، أَوْ يَزْنِيَ وَقَدْ أُحْصِنَ فَيُرْجَمَ، أَوْ بِفَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَيُقْتَلَ بِالْفَسَادِ
- قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا الْمُحَارِبُ فَرَجُلٌ حَمَلَ عَلَى قَوْمٍ بِالسِّلاحِ فَضَرَبَ رَجُلا عَلَى غَيْرِ نَائِرَةٍ وَلا دَخْلٍ وَلا عَدَاوَةٍ، أَوْ قَطَعَ طَرِيقًا، أَوْ أَخَافَ الْمُسْلِمِينَ، فَهَذَا إِذَا أُخِذَ فَإِنَّ الإِمَامَ يَلِي قَتْلَهُ وَلا يَنْتَظِرُ بِهِ وَلا يَجُوزُ لَهُ فِيهِ عَفْوٌ، وَأَمَّا الْمُغْتَالُ فَرَجُلٌ عَرَضَ لِرَجُلٍ أَوْ صَبِيٍّ فَخَدَعَهُ حَتَّى أَدْخَلَهُ بَيْتًا فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ مَتَاعَهُ، فَهَذِهِ الْغِيلَةُ، أَوْ رَجُلٌ شَدَّ عَلَى قَوْمٍ، عَرَضَ لَهُمْ فِي طَرِيقٍ، فَشَدَّ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَ وَأَخَذَ مَتَاعًا، فَتِلْكَ الْغِيلَةُ أَيْضًا، وَهِيَ عِنْدِي بِشَبَهِ الْمُحَارَبَةِ، فَإِذَا ظَهَرَ عَلَى هَذَا فَقَتَلَ، وَلَمْ يَكُنْ لِلإِمَامِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ، وَإِنَّمَا قَاتِلُ الْغِيلَةِ يُعَدُّ مِنَ الْمُحَارِبَةِ.
- قَالَ مَالِكٌ: وَأَمَّا رَجُلٌ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ فِي حَرِيمِهِ مُكَابِرًا حَتَّى ضَرَبَهُ أَوْ جَرَحَهُ أَوْ قَتَلَهُ، وَخَرَجَ مُكَابِرًا وَلَمْ يَنْتَهِبْ مَتَاعًا، وَإِنَّمَا كَانَ ضَرْبُهُ إِيَّاهُ لِنَائِرَةٍ كَانَتْ بَيْنَهُمَا أَوْ عَدَاوَةٍ، فَهَذِهِ النَّائِرَةُ لا يَشُكُّ فِيهَا أَحَدٌ، أَنَّهُ إِذَا أُخِذَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ.
قَالَ: وَالْعَفْوُ يَجُوزُ فِيهِ لأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ، إِنْ هُمْ عَفَوْا وَعَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ جَلْدُ مِائَةٍ، وَحَبْسُ عَامٍ.
٤- وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا كَانَ الرَّجُلُ قَاطِعًا لِلسَّبِيلِ يَحِقُّ عَلَى مَنْ لَقِيَهُ قِتَالُهُ وَالْحِرْصُ عَلَى سَفْكِ دَمِهِ، وَلَوْ قَطَعَ بِنَاسٍ، ثُمَّ رَآهُ غَيْرُهُمْ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَعَاوَنُوا عَلَيْهِ، قِيلَ لَهُ: فَمَنْ قُتِلَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، قَالَ: قُتِلَ عَلَى خَيْرٍ، وَلَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﵇ قَالَ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ وَنَفْسِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ.
- وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: مَا كَانَ مِنْ قَتَلَ غِيلَةً عَنْ غَيْرِ ظِنَّةٍ وَلا عَدَاوَةٍ وَلا نَائِرَةٍ، أَوْ مُحَارَبَةً لِلْمُسْلِمِينَ بِلُصُوصِيَّةٍ عَنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ فِي دِينٍ وَلا شُبْهَةٍ وَلا خُلُوعًا وَفِسْقًا وَمُحَارَبَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَمُرُوقًا، فَإِنَّهُ لَيْسَ لأَهْلِ الدَّمِ فِي ذَلِكَ قَبْضٌ، وَلا شَرْطٌ مِنْ عَفْوٍ، وَلا غَيْرُهُ، وَإِنَّمَا وَلِيَ ذَلِكَ الإِمَامُ.
- قَالَ مَالِكٌ: قَتْلُ الْغِيلَةِ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلٌ رَجُلا عَلَى غَيْرِ ذِحْلٍ وَلا عَدَاوَةٍ، وَأَنْ يَقْتُلَ رَجُلٌ عَلَى مَالِهِ، وَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعَفْوٍ عَنْهُ، لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ قَتْلِ الْعَمْدِ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ وَالنَّائِرَةِ، وَإِنَّمَا قَاتِلُ الْغِيلَةِ يُعَدُّ مِنَ الْمُحَارِبَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ قَتَلَ غِيلَةً عَنْ غَيْرِ ظِنَّةٍ وَلا عَدَاوَةٍ وَلا نَائِرَةٍ إِلا مُحَارَبَةً لِلْمُسْلِمِينَ بِلُصُوصِيَّةٍ فَإِنَّمَا وَلِيَ ذَلِكَ الإِمَامُ.
1 / 9
٤٧ - ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي خَالِدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ الأَنْصَارِيَّ حَدَّثَهُمْ، أَنَّهُ سَأَلَ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ رَجُلٍ عَرَضَ لَهُ لِصٌّ لِيَغْصِبَهُ مَالَهُ، فَرَمَاهُ فَنَزَعَ عَيْنَهُ، هَلْ عَلَيْهِ دِيَةٌ، فَقَالَ: لا، وَلا نَفْسَهُ، فَقُلْتُ لِرَبِيعَةَ: عَنْ مَنْ تَذْكُرُ ذَلِكَ، فَقَالَ: كَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يُخْبِرَانِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﵇ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَأَفْضَلُ شَهِيدٍ قُتِلَ فِي الإِسْلامِ بَعْدَ أَنْ يَتَعَوَّذَ بِاللَّهِ وَبِالإِسْلامِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَإِنْ قَتَلَ الرَّجُلُ اللِّصَّ فَشَرُّ قَتِيلٍ قُتِلَ فِي الإِسْلامِ» .
قَالَ إِسْحَاقُ: وَكَانَ مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ يَرَى هَذَا أَيْضًا
1 / 10
٤٨ - ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الْعُمَرِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﵇: «مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ حَتَّى يُقْتَلَ فَهُوَ شَهِيدٌ»
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: سَأَلْتُ نَافِعًا مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ لِصٍّ إِمَّا مُسْلِمًا وَإِمَّا كَافِرًا لَقِيَ رَجُلا مُسْلِمًا فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ أَوْ يُهَرِيقَ دَمَهُ قَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا امْتَنَعْتُ، قَالَ اللَّهُ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ [الشورى: ٣٩]، وَهَذَا الَّذِي يَسْتَقْتِلُنِي، يُرِيدَ تَهْرِيقَ دَمِي وَيَأْخُذَ مَالِي، لَيْسَ بِمُسْلِمٍ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ، يَا أَبَا سَعِيدٍ، إِنَّا نَخْرُجُ تُجَّارًا يَعْرِضُ لَنَا قَوْمٌ يَقْطَعُونَ عَلَيْنَا السَّبِيلَ مِنْ أَهْلِ الإِسْلامِ، قَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ، قَاتِلْ عَنْ نَفْسِكَ وَمَالِكَ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَشْهَلُ بْنُ حَاتِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ: مَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ تَرَكَ قِتَالَ مَنْ يُرِيدُ نَفْسَهُ وَمَالَهُ تَأَثُّمًا، وَكَانُوا يَكْرَهُونَ قِتَالَ الأُمَرَاءِ
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ: مَا عَلِمْتُ أَحَدًا تَرَكَ قِتَالَ الْحَرُورِيَّةِ وَاللُّصُوصِ تَخَرُّجًا إِلا أَنْ يَجْبُنَ رَجُلٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْمِسْكِينَ لا يُلامُ
1 / 11
٥٣ - ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﵇: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَلا رَاصِدٌ بِطَرِيقٍ»
1 / 12
٥٤ - ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ، أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُمْ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﵇ قَالَ: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا»
وَأَخْبَرَنِي ابْنُ سَمْعَانَ قَالَ: كَانَ مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ يَقُولُ فِي الْمُحَارِبِ الْمُرْتَدِّ عَنِ الإِسْلامِ الْمُشْرِكِ أَنْ يُصْلَبَ فَيُقْتَلَ مَصْلُوبًا
وَأَخْبَرَنِي ابْنُ سَمْعَانَ أَنَّ غَالِبَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ مَضَتِ السُّنَّةُ فِي الْمُحَارِبِ الْخَارِبِ إِذَا قَتَلَ وَأَصَابَ الأَمْوَالَ أَنْ يُصْلَبَ فَيُقْتَلَ مَصْلُوبًا ٥٧ - قَالَ: وَسَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ فِي الَّذِي يَقْتُلُ وَيَأْخُذُ الْمَالَ أَنَّهُ يُصْلَبُ حَيًّا وَيُطْعَنُ بِالْحَرْبَةِ حَتَّى يَمُوتَ، وَالَّذِي يُقْتَلُ بِغَيْرِ صَلْبٍ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ.
مَا جَاءَ فِي قَتْلِ الْحَرُورِيَّةِ
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ: مَا يُحِلُّ لِي قِتَالَ الْحَرُورِيَّةِ قَالَ: إِذَا قَطَعُوا السَّبِيلَ وَأَخَافُوا الآمِنَ، قَالَ: فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ: فَقَاتَلَتِ الْحَرُورِيَّةُ، ثُمَّ أُخِذُوا، قَالَ: يُقْتَلُ مِنْهُمْ مَنْ قَتَلَ، وَيُؤْخَذُ الْمَتَاعُ مِمَّنْ أَخَذَهُ مِنْهُمْ، وَلا يُقَطَّعُ، وَيُسْجَنُ مِنْ نَفْيٍ، وَيُسْتَتَابُونَ وَلا يُقْتَلُونَ.
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَالَهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ ٥٩ - قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَبَلَغَنِي عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَتَبَ فِي خَارِجِيٍّ خَرَجَ بِخُرَسَانَ فَأَشَارَ بِسَيْفِهِ فَأُخِذَ، إِنْ كَانَ قَتَلَ قُتِلَ، وَإِنْ كَانَ جَرَحَ جُرِحَ، وَإِلا اسْتُودِعَ السِّجْنَ، فَاجْعَلُوا أَهْلَهُ قَرِيبًا مِنْهُ حَتَّى يَتُوبَ مِنْ رَأْيِهِ السُّوءِ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ مِثْلَهُ.
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَسْلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ، وَغَيْرُهُ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَرُورِيَّةِ: إِذَا خَرَجُوا فَسَفَكُوا الدِّمَاءَ فَقِتَالُهُمْ حَلالٌ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ ذَلِكَ
وَحَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: ذَكَرْتُ الْخَوَارِجَ وَاجْتِهَادَهُمْ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَا عِنْدَهُ، قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَيْسُوا بِأَشَدِّ اجْتِهَادًا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، ثُمَّ هُمْ يُضَلُّونَ
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَنَّ الْحَرُورِيَّةَ خَرَجَتْ فَنَازَعُوا عَلِيًّا وَفَارَقُوهُ وَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِالشِّرْكِ، فَلَمْ يَهْجُهُمْ، ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى حَرُورَاءَ، فَأُتِيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَأُخْبِرَ أَنَّهُمْ يَتَجَهَّزُونَ مِنَ الْكُوفَةِ، فَقَالَ: دَعُوهُمْ، ثُمَّ خَرَجُوا فَنَزَلُوا بِالنَّهْرَوَانِ فَمَكَثُوا بِهِ شَهْرًا، فَقِيلَ لَهُ: أَغْزِهِمُ الآنَ، فَقَالَ: لا، حَتَّى يُهَرِيقُوا الدِّمَاءَ وَيَقْطَعُوا السَّبِيلَ وَيُخِيفُوا الأَمْنَ، فَلَمْ يَهْجُهُمْ حَتَّى قَتَلُوا، فَأَغْزَاهُمْ، فَقُتِلُوا
1 / 13
٦٣ - ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﵇، وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا، أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْدِلْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﵇: وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ، قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبَ عُنُقَهُ، قَالَ: دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَلا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ فَلا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، وَهُوَ الْقِدْحُ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ، إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلَ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ، أَوْ مِثْلَ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ، يَخْرُجُونَ عَلَى خَيْرِ فِرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ.
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ، فَالْتُمِسَ فَوُجِدَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﵇ الَّذِي نَعَتَ
1 / 14
٦٤ - وَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ ﵇ يَقُولُ: إِنَّ الْحَرُورِيَّةَ لَمَّا خَرَجَتْ وَهُوَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا: لا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ، قَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ وَصَفَ نَاسًا، إِنِّي لَأَعْرِفُ صِفَتَهُمْ فِي هَؤُلاءِ، يَقُولُونَ الْحَقَّ بِأَلْسِنَتِهِمْ لا يُجَاوِزُ هَذَا مِنْهُمْ، وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ، مِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ مِنْهُمْ أَسْوَدُ إِحْدَى يَدَيْهِ طُبْيُ شَاةٍ أَوْ حَلَمَةُ ثَدْيٍ، فَلَمَّا قَتَلَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: انْظُرُوا، فَنَظَرُوا فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا، قَالَ: ارْجِعُوا فَوَاللَّهِ، مَا كَذَبْتُ وَلا كُذِبْتُ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، ثُمَّ وَجَدُوهُ فِي خَرِبَةٍ فَأَتَوْا بِهِ حَتَّى وَضَعُوهُ بَيْنَ يَدَيْهِ.
فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: أَنَا حَاضِرٌ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ وَقَوْلِ عَلِيٍّ فِيهِمْ.
قَالَ بُكَيْرٌ: وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنِ ابْنِ حُنَيْنٍ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ ذَلِكَ الأَسْوَدَ
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، أَنَّ رَجُلا حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: أَرْسَلَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الْحَرُورِيَّةِ لأُكَلِّمَهُمْ، فَلَمَّا قَالُوا: لا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ، قُلْتُ: أَجَلْ صَدَّقْتُمْ، لا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ فِي رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، وَحَكَمَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ، فَالْحُكْمُ فِي رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَصَيْدٍ أَفْضَلُ أَمِ الْحُكْمِ فِي الْأُمَّةِ تَرْجِعُ بِهِ وَتُحْقَنُ دِمَاؤُهَا وَيُلَمُّ شَعَثُهَا، قَالَ ابْنُ الْكَوَاءِ، دَعُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْبَأَكُمْ أَنَّهُمْ ﴿قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ [الزخرف: ٥٨]
1 / 15
٦٦ - وَأَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَذَكَرَ الْحَرُورِيَّةَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﵇: «يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ»
وَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَأَلَ نَافِعًا: كَيْفَ كَانَ رَأْيُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي الْحَرُورِيَّةِ، قَالَ: يَرَاهُمْ شِرَارَ خَلْقِ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا إِلَى آيَاتٍ أُنْزِلَتْ فِي الْكُفَّارِ فَجَعَلُوهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ سَمْعَانَ، أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ فَقَالَ: يَكَفِّرُونَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، وَيَنْكِحُونَ النِّسَاءَ فِي عَدَدِهِمْ، وَتَأْتِيهِمُ الْمَرْأَةُ فَيَنْكِحُهَا الرَّجُلُ مِنْهُمْ وَلَهَا زَوْجٌ، فَتَكُونُ الْمَرْأَةُ عِنْدَهُمْ لَهَا زَوْجَانِ، فَلا أَعْلَمُ أَحَدًا أَحَقَّ بِالْقِتَالِ وَالْقَتْلَ مِنَ الْحَرُورِيَّةِ
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَدِمَ جَيْشٌ مِنَ الْحَرُورِيَّةِ فِي الْفِتْنَةِ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَأَغَارُوا لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ وَيَقْتُلُوا مَنْ دَفَعَ عَنْ مَالِهِ وَنَفْسِهِ، حَتَّى دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ فَكَانُوا مِنْهَا مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ، فَدَعَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ فَقَالَ: اخْرُجْ إِلَى النَّاسِ وَكَلِّمْهُمْ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُمْ قِتَالٌ لِهَؤُلاءِ قُمْنَا فَقَاتَلْنَا مَعَهُمْ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ قِتَالٌ خَرَجْنَا إِلَى مَكَّةَ وَلَمْ نَعْرِضْهُمْ دِينَنَا وَدِمَاءَنَا، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ بِحِدْثَانِ مَا أُصِيبَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِالْحَرَّةِ، فَقَالَ ابْنُ عَيَّاشٍ: النَّاسُ حَدِيثُو عَهْدٍ بِنَكْبَةٍ شَدِيدَةٍ، وَإِنَّكَ إِنْ تُكَلِّمَهُمْ يَقُولُوا: نَعَمْ، ثُمَّ يَفِرُّوا عَنْكَ وَلا يُقَاتِلُوا مَعَكَ، فَلَمَّا رَأَيَا ذَلِكَ ارْتَحَلا مِنْ لَيْلَتِهِمَا وَأَنَا مَعَهُمَا وَنَاسٌ، فَلَحِقُوا بِمَكَّةَ، ثُمَّ رَدَّ اللَّهُ أُولَئِكَ الْحَرُورِيَّةَ عَنِ الْمَدِينَةِ فَلَمْ يَقْدَمُوهَا
ابْنُ وَهْبٍ: وَحَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ جَيْشَ الْحَرُورِيَّةِ نَزَلُوا بِنَخْلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ لَيْلَتَانِ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ ٧١ - وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: خَرَجَ أَرْبَعُونَ حَرُورِيًّا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَمَاعَةِ وَيُنْكِرُ عَلَيْهِمْ خُرُوجَهُمْ خِلافًا لِلْحَقِّ وَالسُّنَّةِ، وَأَنْتُمْ قَلِيلٌ أَذِلَّةٌ، فَكَتَبُوا إِلَيْهِ جَوَابًا أَبْلَغُوا فِيهِ فَقَالُوا: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ قِلَّتِنَا وَذِلَّتِنَا فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﵇: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ﴾ [الأنفال: ٢٦]، فَنَحْنُ نَرْجُو ذَلِكَ.
فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَوْنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيُّ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمْ قَالَ لَهُمْ: قَاتَلْتُمْ دَهْرَكُمْ كُلَّهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِالَّذِي عَمِلَ بِهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَلَمَّا جَاءَ رَأْيُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تَطْلُبُونَ، وَقَالَ النَّاسُ: هَذَا، وَاللَّهِ، رَأْيُهُمْ، كُنْتُمْ أَوَّلُ مَنْ نَفَرَ عَنْهُ، قَالُوا: وَاللَّهِ، لَقَدْ صَدَقْتَ مَا كُنَّا نَطْلُبُ إِلا الَّذِي عَمِلَ بِهِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَتَبَرَّأْ مِنَ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُ، وَلَمْ يَلْعَنْهُمْ، فَقُلْتُ: هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَمَّا أَسْأَلُكُمْ عَنْهُ، فَقَالُوا: نَعَمْ، لَمْ تَسْأَلْنَا عَنْ شَيْءٍ إِلا صَدَقْنَاكَ، فَقُلْتُ: مَتَى عَهْدُكُمْ بِلَعْنِ هَامَانَ؟ فَقَالُوا: مَا لَعَنَّاهُ قَطُّ فَقُلْتُ لَهُمْ: أَفَيَسَعُكُمْ أَنْ تَتْرُكُوا وَزِيرَ فِرْعَوْنَ الْمُنَفِّذَ لأَمْرِهِ، وَلا يَسَعُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ يَعْمَلَ بِالْحَقِّ وَيَكُفَّ اللَّعْنَ عَنْ أَهْلِ قِبْلَتِهِ إِنْ كَانُوا أَخْطَئُوا فِي شَيْءٍ وَعَمِلُوا بِغَيْرِ الْحَقِّ.
فَرَجَعَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: مَا أُحِبُّ أَنِّي بَعَثْتُ إِلَيْهِمْ غَيْرَكَ، فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ فَطِنْتَ لِهَامَانَ، فَقَالَ: تَخَوَّفْتُ إِنْ ذَكَرْتُ فِرْعَوْنَ أَنْ يَقُولُوا قَدْ لَعَنَّاهُ فَإِنَّهُ مُلْعَنٌ خَبِيثٌ.
قَالَ: وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ وَكَانَ عَلَى الْمَوْصِلِ أَنْ أَقْرِرْهُمْ مَا لَمْ يَسْفِكُوا دَمًا أَوْ يَقْطَعُوا سَبِيلا أَوْ يُخِيفُوا مُعَاهِدًا، فَإِنْ فَعَلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَهُمُ الْعَدُوُّ، فَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ، فَأَمْسَكُوا بِأَيْدِيهِمْ حَتَّى تُوُفِّيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
ثُمَّ خَرَجُوا فِي خِلافَةِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقُتِلُوا.
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ رَجُلا مِنَ الْحَرُورِيَّةِ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: إِنَّكَ كَافِرٌ، قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: كَذَبْتَ، ثُمَّ لَقِيَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، فَقَرَأَهَا حَتَّى خَتَمَهَا: قَالَ الْحَرُورِيُّ: قَالَ اللَّهُ: ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ [الزخرف: ٥٨] بَابٌ فِي قَتْلِ الْقَدَرِيَّةِ
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَأَلَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَنَا مَعَهُ: مَاذَا تَرَى فِي هَؤُلاءِ الْقَدَرِيَّةِ، قَالَ: قُلْتُ: أَسْتَتِيبُهُمْ، فَإِنْ قَبِلُوا ذَلِكَ وَإِلا فَأَعْرِضُهُمْ عَلَى السَّيْفِ، قَالَ عُمَرُ: وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَرَأْيِيِ عَلَى ذَلِكَ
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَهُ: مَا الْحُكْمُ فِي هَؤُلاءِ الْقَدَرِيَّةِ، قَالَ: قُلْتُ: يُسْتَتَابُونَ، فَإِنْ تَابُوا قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَتُوبُوا قُوتِلُوا عَلَى وَجْهِ الْبَغْيِ، فَقَالَ عُمَرُ: ذَلِكَ الرَّأْيُ فِيهِمْ، وَيْحَهُمْ، فَأَيْنَ هُمْ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: ﴿فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴿١٦١﴾ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ ﴿١٦٢﴾ إِلا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ ﴿١٦٣﴾﴾ [الصافات: ١٦١-١٦٣]
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَنَّ رَجُلا مِنَ الْقَدَرِيَّةِ قَالَ: إِنَّ مَعَنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَسُئِلَ ابْنُ هُرْمُزَ، فَقَالَ: كَذَبَ، وَاللَّهِ، لَقَدْ أَدْرَكْتُ الْمَدِينَةَ وَمَا يُذْكَرُ فِيهَا إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْ جُهَيْنَةَ يُقَالُ لَهُ مَعْبَدٌ، قَالَ: ثُمَّ سَأَلْتُ أَبَا سُهَيْلٍ عَمَّ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فَقَالَ: كَذَبَ، اسْتَشَارَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ لِي: كَيْفَ تَرَى فِي الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِالْقَدَرِ، قَالَ: قُلْتُ: أَرَى أَنْ يُسْتَتَابُوا، فَإِنْ تَابُوا وَإِلا ضَرَبْتُ رِقَابَهُمْ، فَقَالَ عُمَرُ: ذَلِكَ الرَّأْيُ فِيهِمْ، وَاللَّهِ، لَوْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الآيَةُ لَكَفَى بِهَا حُجَّةً عَلَيْهِمْ: ﴿فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴿١٦١﴾ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ ﴿١٦٢﴾ إِلا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ ﴿١٦٣﴾﴾ [الصافات: ١٦١-١٦٣]، ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُمَرَ مَوْلَى غَفْرَةَ، عَنْ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ: وَلَمْ يَذْكُرِ الآيَةَ بَابٌ فِي الْمُرْتَدِّ عَنِ الإِسْلامِ
1 / 16
٧٧ - ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، وَدَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﵇ قَالَ: «مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ»، قَالَ مَالِكٌ: فَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ مَنْ خَرَجَ مِنَ الإِسْلامِ وَكَفَرَ بِاللَّهِ، وَلَمْ يَعْنِ بِذَلِكَ مَنِ انْتَقَلَ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ إِلَى دِينٍ آخَرَ، أَنْ يَتَهَوَّدَ النَّصْرَانِيُّ أَوْ يَتَنَصَّرَ الْيَهُودِيُّ أَوِ الْمَجُوسِيُّ
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ مَنْ أَخْبَرَهُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ كَتَبَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَسْأَلَهُ عَنْ نَصْرَانِيٍّ تَحَوَّلَ يَهُودِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا، أَوْ يَهُودِيٍّ تَحَوَّلَ نَصْرَانِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّمَا تَحَوُلٌّ مِنْ كُفْرٍ إِلَى كُفْرٍ، لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ
1 / 17
٧٩ - ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَابْنُ سَمْعَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﵇ قَالَ: «مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ طَائِعًا فَاقْتُلُوهُ»، قَالَ ابْنُ سَمْعَانَ: وَلا أَعْلَمُ إِلا أَنَّ نَافِعًا، وَزَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ حَدَّثَانِي هَذَا الْحَدِيثَ
1 / 18
٨٠ - ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﵇ قَالَ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ، وَلا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ»
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، وَابْنُ سَمْعَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: هَاجَتِ الْفِتْنَةُ الأُولَى فَأَدْرَكَتْ رِجَالا ذَوِي عَدَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﵇، فَبَلَغَنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنْ يُهْدَمَ أَمْرُ الْفِتْنَةِ فَلا يُقَامُ فِيهَا عَلَى رَجُلٍ قَاتِلٍ فِي تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ قِصَاصٌ فِيمَنْ قَتَلَ، وَلا حَدٌّ فِي سَبْيِ امْرَأَةٍ سُبِيَتْ، وَلا نَرَى عَلَيْهِ حَدًّا، وَلا نَرَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا مُلاعَنَةً، وَلا نَرَى أَنْ يَقْذِفَهَا أَحَدٌ إِلا جُلِدَ الْحَدَّ، وَنَرَى أَنْ تُرَدَّ إِلَى زَوْجِهَا الأَوَّلِ بَعْدَ أَنْ تَعْتَدَّ فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا مِنْ زَوْجِهَا الآخَرِ، وَنَرَى أَنْ تَرِثَ زَوْجَهَا الأَوَّلَ
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ رِجَالٍ شَهِدُوا بَدْرًا أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: لَوْ أَنَّ رَجُلا تَأَوَّلَ مَعَ الْحَرُورِيَّةِ فَقَاتَلَ وَقُتِلَ، ثُمَّ مَاتَ، أَوِ امْرَأَةً تَأَوَّلَتِ الْقُرْآنَ فَخَرَجَتْ حَتَّى لَحِقَتْ بِالْخَوَارِجِ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَقَاتَلَتْ مَعَهُمْ وَتَزَوَّجَتْ فِيهِمْ، ثُمَّ جَاءَتْ تَائِبَةً لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا حَدٌّ، وَكَانَ عَلَى مَنْ قَذَفَهَا الْحَدُّ، وَلَمْ تَكُنْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا مُلاعَنَةٌ، وَحُبِسَتْ عَنْ زَوْجِهَا حَتَّى تُسْتَبْرَأَ، ثُمَّ تَرْجِعَ إِلَى زَوْجِهَا الأَوَّلِ
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ سَمْعَانَ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﵇ وَأَصْحَابِ النَّبِيِّ مُتَوَافِرُونَ، فَاجْتَمَعَ الأَمْرُ فِيهِمْ أَلا يُحَدَّ فَرْجٌ اسْتُحِلَّ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ، وَلا يُقَادَ وَلا يُودَى مَا اسْتُحِلَّ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ وَلا يُضْمَنَ مَالٌ ذَهَبَ إِلا إِنْ يُضْمَنْ شَيْءٌ بِعَيْنِهِ فَيُرَدَّ إِلَى أَهْلِهِ
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ سَمْعَانَ أَنَّ مَنْ أُدْرِكَ مِنَ السَّلَفِ كَانُوا يَقُولُونَ: هُمَا رِدَّتَانِ، رِدَّةُ كُفْرٍ يُسْتَحَلُّ بِهَا الْقَتْلُ وَالسَّبْيُ وَقَطْعُ الْمَوَارِيثُ، وَرِدَّةُ انْتِقَاضِ شَرَائِعِ الإِسْلامِ، فَقَاتَلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا لا يَحِلُّ سَبْيُهُمْ وَلا أَخْذُ أَمْوَالُهُمْ، وَهِيَ سِيرَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي مَنِ ارْتَدَّ فِي زَمَانِهِ
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ عُلاثَةَ ارْتَدَّ عِنْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ ﵇ فَانْطَلَقَ حَتَّى لَحِقَ بِهِرَقْلَ أَوْ بِقَيْصَرَ، فَأَرْسَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ إِلَى امْرَأَتِهِ وَابْنَتِهِ وَخَيَّرَهُنَّ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: إِنْ كَانَ عَلْقَمَةُ كَفَرَ مَا كَفَرْتُ أَنَا وَلا ابْنَتِي، فَتَرَكَهُنَّ، فَقَدِمَ عَلْقَمَةُ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَجَعَلَ يَشُدُّ عَلَيْهِ فِي الْقَوْلِ، فَقَالَ: حَسْبُكَ سَائِرَ الْيَوْمِ، بَايِعْنِي ٨٦ - ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ رَبِيعَةُ فِي أَهْلِ قَرْيَةٍ أَسْلَمُوا وَأَسْلَمَ نِسَاؤُهُمْ وَذَرَارِيُّهُمْ، ثُمَّ ارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلامِ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَفَرُوا وَقَاتَلُوا فَقُتِلَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ وَأُسِرَتْ طَائِفَةٌ، فَهَلْ يَحِلُّ سَبْيُهُمْ أَمْ لا يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُمْ إِلا الإِسْلامُ، فَقَالَ رَبِيعَةَ: يُقْتَلُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَكُلُّ مَنْ بَلَغَ مِنَ الذَّرِيَّةِ مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ صَاغِرًا قَمِئًا، إِلا كُلَّ ذَرِيَّةٍ وُلِدَتْ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمُوا، ثُمَّ كَفَرُوا وَقَاتَلُوا قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ تِلْكَ الذَّرِيَّةُ بِكَامِلِ السِّنِّ الَّتِي تَقَعُ عِنْدَهَا الْحُدُودُ وَتَكَامُلُ الْفَرَائِضِ، وَذَلِكَ لأَنَّهُمْ وُلِدُوا فِي حُجُورِ الْمُؤْمِنِينَ وَلأَنَّهُمْ وُلِدُوا فِي حُجُورٍ مُسْلِمَةٍ، فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْقُضُوا عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَبْلُغُوا السِّنَّ، فَيَكُونُوا هُمْ نَقَضُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، فَأُولَئِكَ مُسْلِمُونَ أَحْرَارًا.
أَمَّا كُلُّ ذَرِيَّةٍ وُلِدَتْ فِي حُجُورِهِمْ وَهُمْ كُفَّارٌ ثُمَّ أَسْلَمُوا فَكَانُوا عَلَى ذَرَارِيِّهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ نَقَضُوا فَقَدْ نَقَضُوا عَنْ مَنْ دَخَلَ فِي الإِسْلامِ أَدْخَلُوهُمْ، وَكَانَ فِي الْكُفْرِ قَبْلَ ذَلِكَ مَعَهُمْ، فَقَدْ نَقَضُوا عَلَيْهِمْ وَأَخْرَجُوهُمْ كَمَا كَانُوا أَدْخَلُوهُمْ فَأُولَئِكَ يُسْبَوْنَ، لَيْسُوا كَهِبَةِ مَنْ وُلِدَ بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَلَمْ يُدْرَكْ حَتَّى نَقَضُوا، إِسْلامُ تِلْكَ الذَّرِيَّةِ إِسْلامُ الْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ، فَهُمْ أَحْرَارٌ وَلا يُسْبَوْنَ.
1 / 19
٨٧ - أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيِّ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ كَانَ قَدِ ارْتَدَّ عَنِ الإِسْلامِ فَأَمَرَ النَّبِيَّ ﵇ بِقَتْلِهِ إِنْ وُجِدَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ اسْتَجَارَ بِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَكَانَ أَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَاسْتَجَارَ لَهُ عُثْمَانُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﵇ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ سَاعَةً، ثُمَّ كَلَّمَهُ عُثْمَانُ فِيهِ، فَآمَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﵇، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ: الآنَ، أَلَمْ تَرَ كَيْفَ سَكَتُّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْتَظَرْتُ أَنْ تُومِئَ إِلَيَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لا يَحِلُّ لِنَبِيٍّ أَنْ يُومِئَ
1 / 20