(١٤) وممّا جاء في السر
المنع من إظهار السرّ قبل تمامه
قيل: استعينوا على قضاء الحوائج بالكتمان، فإن كلّ ذي نعمة محسود.
وقيل: من وهي «١» الأمر إعلامه قبل إحكامه. وقيل: من حصّن سرّه أمن ضرّه.
الحثّ على حفظ السرّ
قيل: من لم يكتم السرّ فقد استكمل الجهل.
وسمع ابن المقفع قول الشاعر:
إذا جاوز الاثنين سرّ فإنّه ... يبثّ وتكثير الحديث قمين «٢»
فقال: أراد بالاثنين الشفتين، ويدلّ على ذلك قول الآخر:
فلا تفش سرّك إلا إليك ... فإنّ لكلّ نصيح نصيحا
وفي المثل: اجعل هذا في وعاء غير ذي سرب. سرّك من دمك، فانظر أين تريقه.
وقيل: من أفشى سرّه كثر المتأمرون عليه. قال الصلتان:
سرّ الثلاثة غير الخفي
المستوخم عاقبة إفشاء السرّ
لما ولّى عمر بن الخطاب ﵁، قدامة بن مظعون بدل المغيرة أمره أن لا يخبر أحدا. فلم يكن له زاد فتوجّهت امرأته إلى دار المغيرة، فقالت: أقرضونا زاد الراكب، فإنّ أمير المؤمنين ولّى زوجي الكوفة، فأخبرت امرأة المغيرة زوجها، فجاء إلى عمر ﵁ واستأذن عليه، وقال: يا أمير المؤمنين ولّيت قدامة الكوفة وهو رجل قويّ أمين. فقال: ومن أخبرك؟ قال نساء المدينة يتحدّثن به، فقال: اذهب وخذ منه العهد.
من يكره اطلاعه على السرّ
قيل: لا تطلعوا النساء على سرّكم تصلح أموركم. وقيل: ما كتمته عدوّك فلا تطلع عليه صديقك.