وَتُوفِّي بقرطبة سنة أَربع وَأَرْبَعين وثلاثمائة عَن تسعين سنة فِي أَيَّام النَّاصِر وَكَانَ حفل جنَازَته عَظِيما
وَقيل نه لم يبْق اُحْدُ من أهل قرطبة الا وسع عِنْد بَابه من يَقُول اشْهَدْ فِي غَد إِن شَاءَ الله جَنَازَة الرجل الصَّالح فِي مَقْبرَة بني هائل فَإِذا خرج إِلَى الْبَاب لم يجد أحدا
وَذكر الحجاري أَن أَبَا وهب لقِيه مرّة غُلَام وغد بِخَارِج قرطبة فآذاه بِلِسَانِهِ ثمَّ أَرَادَ أَن يرميه بطوبة فَجعل يبْحَث عَنْهَا وَيَقُول يَا عَليّ طوبة أضْرب بهَا هَذَا الأحمق فَوَقَعت عين أبي وهب على طوبة فَقَالَ لَهُ هَذِه طوبة خُذْهَا فابلغ بهَا غرضتك فارتاع الْغُلَام وأخذته كالرعدة
وَكَانَ إِذا أصبح وَنظر إِلَى اسْتِيلَاء النُّور على الظلمَة رفع يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء وَقَالَ
اللَّهُمَّ إِنَّك أمرتنا بِالدُّعَاءِ إِذا أسفرنا فاستجب لنا كَمَا وعدتنا اللَّهُمَّ لَا تسلط علينا فِي هَذَا الْيَوْم من لَا يراقب رضاك وَلَا سخطك اللَّهُمَّ لَا تشغلنا فِيهِ بغيرك اللَّهُمَّ لَا تجْعَل رزقنا فِيهِ على يَد سواك اللَّهُمَّ امح من قُلُوبنَا الطمع فِي هَذِه الفانية كَمَا محوت بِهَذَا النُّور هَذِه الظلمَة اللَّهُمَّ إِنَّا لَا نَعْرِف غَيْرك فنسأله يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ يَا غياث من لَا غياث لَهُ
وَقَالَ الاعتزال ملك من لَا مَال وَلَا اعوان لَا يجد من ينازعه وَمن لَا يستطيل عَلَيْهِ
1 / 59