Sophismes linguistiques : La troisième voie vers un nouvel arabe classique
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
Genres
ولكن ما احتيالك فيمن شرع في بحثه اللغوي وقد وقر في قلبه أن اللغة توقيف إلهي أو وضع حكماء أو سليقة سحرية؟ إنه مدفوع إلى البحث عن «الحكمة» القابعة في هذه الظواهر اللغوية التي لم تأت عبثا ولم تنشأ اعتباطا. يقول السيوطي في «الاقتراح»: «إن العرب لم تبتدع اللغة العربية، وإنما هي من صنع الله سبحانه، وعلى النحاة أن تبحث عن حكمة الله فيما صنعه» (التوقيف). ويقول سيبويه: «وليس شيء يضطرون إليه إلا وهم يحاولون به وجها» (حكمة العرب). ويقول الزجاجي في «الإيضاح في علل النحو»: «سئل الخليل بن أحمد رحمه الله عن العلل التي يعتل بها في النحو، فقيل له: عن العرب أخذتها أم اخترعتها من نفسك؟ فقال: إن العرب نطقت على سجيتها وطباعها، وعرفت مواقع كلامها، وقام في عقولها علله وإن لم ينقل ذلك عنها، واعتللت أنا بما عندي أنه علة لما عللته منه، فإن أصبت العلة فهو الذي التمست، وإن تكن هناك علة له فمثلي في ذلك مثل رجل حكيم دخل دارا محكمة البناء عجيبة النظم والأقسام، وقد صحت عنده حكمة بانيها بالخبر الصادق أو بالبراهين الواضحة والحجج اللائحة، فكلما وقف هذا الرجل في الدار على شيء منها قال: «إنما فعل هذا هكذا لعلة كذا وكذا، ولسبب كذا وكذا سنحت له وخطرت بباله محتملة لذلك، فجائز أن يكون الحكيم الباني للدار فعل ذلك للعلة التي ذكرها هذا الذي دخل الدار، وجائز أن يكون فعله لغير تلك العلة، إلا أن ذلك مما ذكره هذا الرجل محتمل أن يكون علة لذلك، فإن سنح لغيري علة لما عللته من النحو هو أليق مما ذكرته بالمعلولات فليأت بها»، وهذا مستقيم وإنصاف من الخليل رحمة الله عليه.»
22 (4-1) تفصيل العلل
يشير السيوطي في «الاقتراح» إلى أن أبا عبد الله الحسين بن موسى الدينوري الجليس قد ذكر أن «اعتلالات النحويين صنفان: علة تطرد على كلام العرب وتنساق إلى قانون لغتهم، وعلى تظهر حكمتهم وتكشف صحة أغراضهم ومقاصدهم في موضوعاتهم، وهم للأولى أكثر استعمالا وأشد تداولا، وهي واسعة الشعب إلا أن مدار المشهورة منها على أربعة وعشرين نوعا ... وشرح ذلك التاج بن مكتوم في «تذكرته» فقال: قوله «علة سماع» مثل قوله «امرأة ثدياء» ولا يقال «رجل أثدى»، وليس لذلك علة سوى السماع. و«علة تشبيه» مثل إعراب المضارع لمشابهته الاسم، وبناء بعض الأسماء لمشابهتها الحروف. و«علة استغناء» كاستغنائهم ب «ترك» عن «ودع». و«علة استثقال» كاستثقالهم الواو في «يعد» لوقوعها بين ياء وكسرة. و«علة فرق» وذلك فيما ذهبوا إليه من رفع الفاعل ونصب المفعول وفتح نون الجمع وكسر نون المثنى. و«علة توكيد» مثل تعويضهم الميم في «اللهم» من حرف النداء. و«علة نظير» مثل كسرهم أحد الساكنين إذا التقيا في الجزم حملا على الجر؛ إذ هو نظيره. و«علة نقيض» مثل نصبهم النكرة ب «لا» حملا على نقيضها «إن». و«علة حمل على المعنى» مثل «فمن جاءه موعظة» ذكر فعل الموعظة وهي مؤنثة حملا لها على المعنى وهي الوعظ. و«علة مشاكلة» مثل قوله: «سلاسلا وأغلالا». و«علة معادلة» مثل جرهم ما لا ينصرف بالفتح حملا على النصب ثم عدلوا بينهما فحملوا النصب على الجر في جمع المؤنث السالم. و«علة مجاورة» مثل الجر بالمجاورة في قولهم «جحر ضب خرب»، وضم لام «لله» في «الحمد لله» لمجاورتها الدال. و«علة وجوب» وذلك تعليلهم برفع الفاعل ونحوه. و«علة جواز» وذلك ما ذكروه في تعليل الإمالة من الأسباب المعروفة فإن ذلك علة لجواز الإمالة فيما أميل لا لوجوبها. و«علة تغليب» مثل
وكانت من القانتين . و«علة اختصار» مثل باب الترخيم
ولم يك . و«علة تخفيف» كالإدغام. و«علة أصل» ك «استحوذ» و«يؤكرم» وصرف ما لا ينصرف. و«علة أولى» كقولهم إن الفاعل أولى برتبة التقديم من المفعول. و«علة دلالة حال» كقول المستهل: «الهلال»، أي «هذا الهلال» فحذف لدلالة الحال عليه. و«علة إشعار» كقولهم في جمع موسى: موسون بفتح ما قبل الواو إشعارا بأن المحذوف ألف. و«علة تضاد» مثل قولهم في الأفعال التي يجوز إلغاؤها متى تقدمت وأكدت بالمصدر أو بضميره: لم تلغ؛ لما بين التأكيد والإلغاء من التضاد، قال ابن مكتوم: وأما «علة التحليل» فقد اعتاص علي شرحها وفكرت فيها أياما فلم يظهر لي فيه شيء. وقال الشيخ شمس الدين بن الصائغ: قد رأيتها مذكورة في كتب المحققين كابن الخشاب البغدادي حاكيا له عن السلف، في نحو الاستدلال على اسمية «كيف» ينفي حرفيتها لأنها مع الاسم كلام، ونفي فعليتها لمجاورتها الفعل بلا فاصل، فتحلل عقد شبه خلاف المدعي، انتهى. وأما الصنف الثاني فلم يتعرض له الجليس ولا بينه.»
23
قال السيوطي: وبينه ابن السراج في «الأصول» أنه هو المسمى «علة العلة»، مثل أن يقولوا: لم صار الفاعل مرفوعا والمفعول منصوبا؟ وهذا ليس يكسبنا أن نتكلم كما تكلمت العرب، وإنما يستخرج منه حكمتها في الأصول التي وضعتها.
ويتساءل د. محمد عيد في «أصول النحو العربي»: «لكن ... أحقا كان النحاة للأولى أكثر استعمالا وأشد تداولا - كما يقول الدينوري - أم أنها، بفعل الصنعة، قد فقدت سماتها، ووسمت بالصفة الثانية، فغلب عليها الجدل والنظر؟ إن كتب النحو المتأخرة اختفت فيها العلل التي عرف بها كلام العرب تحت ركام هائل من المجادلات والمساجلات في العلل.»
24 (4-2) اعتراضات ابن مضاء
كان ابن مضاء هو أول (وآخر!) من صرح بوضوح تام بضرورة سقوط هذا النوع من العلل من النحو. يقول ابن مضاء في «الرد على النحاة»: «ومما يجب أن يسقط من النحو العلل الثواني والثوالث، وذلك مثل سؤال السائل عن «زيد» من قولنا «قام زيد» لم رفع؟ فيقال لأنه فاعل، وكل فاعل مرفوع، فيقول ولم رفع الفاعل؟ فالصواب أن يقال له: كذا نطقت به العرب، ثبت ذلك بالاستقراء من الكلام المتواتر، ولا فرق بين ذلك وبين من عرف أن شيئا ما حرام بالنص، ولا يحتاج فيه إلى استنباط علة، لينقل حكمه على غيره، فسأل لم حرم؟ فالجواب على ذلك غير واجب على الفقيه، ولو أجبت السائل عن سؤاله بأن تقول له: للفرق بين الفاعل والمفعول فلم يقنعه، وقال: فلم لم تعكس القضية بنصب الفاعل ورفع المفعول؟ قلنا له: لأن الفاعل قليل لأنه لا يكون للفعل إلا فاعل واحد، والمفعولات كثيرة، فأعطي الأثقل، الذي هو الرفع، للفاعل، وأعطي الأخف، الذي هو النصب، للمفعول؛ لأن الفاعل واحد والمفعولات كثيرة، ليقل في كلامهم ما يستثقلون، ويكثر في كلامهم ما يستخفون، فلا يزيدنا ذلك علما بأن الفاعل مرفوع، ولو جهلنا ذلك لم يضرنا جهله، إذ قد صح عندنا رفع الفاعل الذي هو مطلوبنا، باستقراء المتواتر، الذي يوقع العلم.»
Page inconnue