Sophismes linguistiques : La troisième voie vers un nouvel arabe classique
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
Genres
ثم نخرجكم طفلا . يقول د. أنيس: «ومهما أجهد اللغويون أنفسهم في تبرير مثل تلك الاستعمالات، فلن يستطيعوا إنكار أنها لا تمت للمنطق العام بصلة؛ وذلك لأن للغات منطقها الخاص.»
5
ومن الظواهر اللغوية التي لا تخضع للمنطق «التذكير والتأنيث»: من اللغات ما يقسم الكيانات إلى مؤنث ومذكر، ومنها ما يقسمها إلى مؤنث ومذكر ومحايد، ومنها ما قصر الأمر على الحي والجماد! وقد يصيب التغير بعض الأسماء المؤنثة فتصبح مذكرا أو العكس، وقد فقدت الفروع الحديثة للاتينية (الفرنسية والإسبانية والإيطالية، والبرتغالية والرومانية) الصيغة المحايدة، وأصبحت الأسماء المحايدة في اللاتينية مؤنثة أو مذكرة في اللغات الجديدة، وروي أن أهل الحجاز يؤنثون الطريق والصراط والسبيل والسوق والزقاق ... وأن بني تميم يذكرون كل ذلك. وقيل إن جمع الجنس كالبقر والتمر والشعير، يذكر ويؤنث، وإن هنا أيضا بعض التفاوت بين القبائل في التذكير والتأنيث. ومعروف أن من الكلمات ما هو مذكر في لغة ومؤنث في غيرها (الشمس مذكر في الفرنسية، مؤنثة في العربية، جائزة الأمرين في العبرية والآرامية)، ويقسم النحاة العرب التأنيث إلى مؤنث حقيقي ومؤنث مجازي، ولكل منهما أحكامه اللغوية، وقد تستعمل الصفة المذكرة للمؤنث (امرأة كاعب، ناهد، عانس، طالق، عجوز، طروب، حامل، مرضع، أيم، عاقر، وبقرة فارض، وناقة شافع ... إلخ) وتستعمل الصفة المؤنثة للمذكر (رجل داهية، علامة، باقعة، نابغة ...)، وتقبل العربية صيغا مثل: «قالت الأعراب»، «قالت اليهود »، «بلدة ميتا»، «السماء منفطر به»، «سبيل الرشد لا يتخذوه»، «هذه سبيلي»،
6
وفي مسألة التذكير والتأنيث بصفة خاصة تتجلى بوضوح عرفية الظاهرة اللغوية وخصوصيتها وتأبيها على المنطق الصوري والرياضي.
و«الأزمنة» في اللغة وطريقة رصدها والتعبير عنها؛ تتفاوت بين اللغات ولا تخضع لمنطق عام يشملها جميعا، ثمة تقسيم سباعي للزمن عند المحدثين: قبل الماضي - الماضي - بعد الماضي - الحاضر - قبل المستقبل - المستقبل - بعد المستقبل. وكثير من اللغات الهندوأوروبية تحرص على التعبير عن معظم تلك الأزمنة. وفي الإنجليزية على سبيل المثال نجد صيغا محددة لهذه الأزمنة السبعة جميعا، أما في الفصيلة السامية فنرى أن معظم لغاتها قد اتخذت صيغا قليلة العدد للتعبير عن تلك الأزمنة السبعة في صورة غامضة بعيدة عن التحديد المنطقي. ويقسم النحاة العرب الأزمان إلى ثلاثة: الماضي والحالي والمستقبل، مكتفين بتلك الأزمنة الأساسية، ولما رأوا للفعل ثلاث صيغ فقد اختصوا كلا منها بزمن من تلك الأزمنة الثلاثة، وجعلوا الفعل المسمى بالماضي لكل حدث مضى وانتهى أمره، إلا أن دخول «قد» على هذا الفعل يقربه من زمن الحال، وجعلوا الأمر للزمن الحالي، وخصصوا المضارع بالمستقبل ولا سيما حين يتصل بالسين أو سوف، وفي قليل من الأحيان جعلوه للحال أيضا، وحين رأوا الخلل يتسرب إلى تقسيمهم من نواح عدة، بدءوا كعادتهم يحملون الكلام العربي ما ليس منه، ويتأولون من النصوص الصحيحة ما ليس بحاجة إلى تأويل أو تخريج، فإذا استعمل الماضي مكان المضارع قالوا لحكمة أرادها المتكلم أو الكاتب، وإذا استعمل المضارع مكان الماضي التمسوا في هذا نكتة بلاغية هللوا لها وكبروا، وما كان أغناهم عن كل هذا التعسف لو أنهم نظروا إلى صيغ الفعل وأساليبها بعيدا عن الفكرة الزمنية، من ذلك ما جاء في الأثر من أن المضارع قد يستعمل مكان الماضي، والعكس أيضا، مثل قوله تعالى:
أتى أمر الله فلا تستعجلوه
أي سيأتي، وقوله:
واتبعوا ما تتلو الشياطين
أي تلت، ومثل:
Page inconnue