Sophismes linguistiques : La troisième voie vers un nouvel arabe classique
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
Genres
في كتابه «مسائل في اللسانيات» يؤكد بنفنيست وجود علاقة ضرورية بين الدال والمدلول، ولكن بمعنى سيكولوجي معين، يقول بنفنيست، مقتفيا مصطلحات دي سوسير ومحتذيا حذو حجته: «إن العلاقة بين الدال والمدلول ليست اعتباطية بل هي على العكس علاقة ضرورية، فالفكرة أو المفهوم (المدلول) «ثور» مماثل في وعيي بالضرورة للمجموع الصوتي (الدال) ث و ر، وكيف يكون الأمر على خلاف ذلك؟ فكلاهما نقشا في ذهني، وكل منهما يستحضر الآخر في كل الظروف، ثمة بينهما اتحاد وثيق إلى درجة أن الفكرة «ثور» هي بمثابة روح الصورة الصوتية ث و ر. إن الذهن لا يحتوي على أشكال خاوية، أي لا يحتوي على أفكار غير مسماة، إن الذهن لا يتقبل من الأشكال الصوتية إلا ذلك الشكل الذي يكون حاملا لتمثل يمكنه التعرف عليه، وإلا رفضه بوصفه مجهولا وغريبا، فالدال والمدلول، التمثل الذهني والصورة الصوتية، هما في الواقع وجهان لأمر واحد ويتشكلان معا كالمحتوي والمحتوى، فالدال هو الترجمة الصوتية للفكرة، والمدلول هو المقابل الذهني للدال، إن هذه الوحدة الجوهرية للدال والمدلول هي التي تضمن الوحدة البنيوية للعلامة اللسانية.»
38
وصفوة القول أن العلاقة بين الدال والمدلول هي علاقة ضرورية: ضرورية لا في ذاتها، بل في ذاتنا نحن! (8) سطوة اللغة
لو غيرنا أسماء الأشياء جميعا ونمنا، لصحونا على عالم جديد!
اللغة تشيد العقل وتصوغ الفكر، اللغة هي وسيلتنا لإدراك العالم والتعامل معه، لم تعد اللغة مجرد نافذة شفافة تطل على الواقع الكائن هناك بمعزل عنها وعن الطريقة التي تسمى بها الأشياء، يقول شكسبير: «إن ما نسميه (الوردة) سيظل ينشر عبيره ولو تسمى باسم آخر»، وهو قول حق، وأحق منه إن ما نسميه الوردة سوف تختلف رائحته بعض الشيء لو تسمى باسم آخر؛ لأن العناصر الصوتية للاسم الجديد بجميع مصاحباتها وتداعياتها الممكنة سوف تنفذ إلى جماع الوعي وتعيد تشكيل الوقع الحسي المباشر للوردة. إن معرفتنا بالأشياء وتناولنا للأشياء يتأثران حتما بتسميتنا للأشياء، فالأسماء، الدلالة الإشارية، التغطية الرمزية، هي أداتنا لإدراك الواقع، ومهما بلغ بنا وهم الحرية فإن اللغة التي نستخدمها هي التي ترسم الحدود النهائية للعالم كما نعرفه، وإن الشطر الأكبر من هذه اللغة هو شيء مفروض علينا في حقيقة الأمر، شيء يأتينا «جاهزا» من ثقافتنا المحلية التي نعيش فيها وتعيش فينا. «وأمر اللغة ليس مقصورا على ما بينها وبين الأشياء والكائنات من مغايرة بل هي تتجاوز ذلك إلى التأثير في تصورات الإنسان لها، فالكلمات لا تنزل من الحقيقة منزلة الصور التي تشير إليها وتحاكيها، بل تنزل منزلة القوى التي تخلق عالمها وتقرره، بحيث يظهر الروح لذاته في هذا الديالكتيك الذي لا توجد بمقتضاه إلا «حقيقة واحدة» هي ظهور الموجود المتسق ذي السمات.»
39 «وكما قال همبولت بصدد مشكلة اللغة: يعيش الإنسان مع أشيائه كما تقدمها له اللغة غالبا (بل لك أن تقول حصرا، في حقيقة الأمر، ما دام شعوره وفعله يتوقفان على إدراكاته)، وبنفس العملية التي يغزل بها اللغة من قلب وجوده الخاص فإنه يوقع نفسه في شركها، فكل لغة ترسم دائرة سحرية حول الشعب الذي تنتمي إليه، دائرة لا مفر منها إلا إذا تخطاها إلى دائرة أخرى.»
40
الفصل الخامس
اللغة والمنطق
هي العرب تقول ما تشاء.
Page inconnue