Sophismes linguistiques : La troisième voie vers un nouvel arabe classique
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
Genres
على أن الأستاذ العقاد ينتهي من هذه المناقشة بقبول مبدأ المحاكاة الصوتية في اللغة العربية بشروط، وبأن العبرة بموقع الحرف من الكلمة لا بمجرد دخوله في تركيبها، وبأن الاستثناء في الدلالة قد يأتي من اختلاف الاعتبار والتقدير، ولا يلزم أن يكون شذوذا في طبيعة الدلالة الحرفية. وما كان العقاد ليفوت فرصة يبين فيها تميز العربية عن غيرها من اللغات دون أن يفيد منها أقصى فائدة ممكنة.
الحق أن ابن جني لا يدعي أن مقارباته المذكورة تشمل اللغة جميعا (واعلم أنا لا ندعي أن هذا مستمر في جميع اللغة)،
32
غير أن هذا يعد تقويضا لفكرة المناسبة بين اللفظ والمعنى، وفكرة العلاقة الطبيعية أو الضرورية بين الدال والمدلول. وإذا كان دأب ابن جني التحرج من التعميم ومن الاندفاع إلى وجهة واحدة من الرأي، فإن من تبعه في تأملاته، ومنهم بعض المحدثين من أهل اللغة، لم يأتموا به في تأنيه وترويه وحصافته العلمية، وأخذهم التعميم المتسرع، وفتنتهم الأمثلة المؤيدة، فقالوا بمناسبة اللفظ لمعناه ولم يتحرزوا من الأمثلة المضادة وهي الأعم والأغلب بما لا يقاس. (4) التعميم المتسرع
يقول جودور أولبورت: «ما نكاد نتلقى «حبة» من الوقائع، حتى نشيد منها «قبة» من التعميمات.» ويقول شكسبير في مسرحية «عطيل»: «ولا تشيد صرحا من الأوهام المزعجة على أساس غير متين من ملاحظاته الناقصة.»
لعل «التعميم المتسرع»
Hasty Generalization
من أكثر الأغلاط المنطقية شيوعا؛ فهو يتبطن الكثير من التحيزات العنصرية والنعرات القومية والتعصب الطائفي والأيديولوجي، كذلك يتبطن التعميم المتسرع كثيرا من الأوصاف النمطية عن الشعوب المختلفة، وعن أهل الأقاليم المحلية، وربما يتبطن كثيرا من اعتقاداتنا حول أصناف المنتجات وماركات الأجهزة التي تقوم في الغالب على بضعة أمثلة من واقع خبرتنا الحياتية القصيرة المحدودة.
حين يسمح المرء لعقله أن يشيد تعميمات عريضة على أساس معلومات شحيحة أو أدلة هزيلة أو أمثلة قليلة أو عينة «غير ممثلة»، فلن يعييه أن يقيض أدلة لكل شيء ويجد بينة لأي دعوى مهما بلغت من السخف والبطلان، ولن يعجزه أن يؤيد أي شيء يميل إلى الاعتقاد به ما دام يعنيه الاعتقاد ولا تعنيه الحقيقة.
ومن الحق أيضا أننا مضطرون إلى التعميم في حياتنا العملية، ولا يسعنا إلا التعميم إذا شئنا أن نفكر في أي شيء أو نتخذ أي قرار، ويبقى أن نتبع الأسلوب العلمي في استخلاص التعميمات، وأن نتجنب التعميم المتسرع جهد استطاعتنا، وأن نملك تعميماتنا ولا تملكنا، أي أن نجعل منها مجرد فروض عمل قابلة للمراجعة والتنقيح لا اعتقادا دوجماطيقيا صلبا يأخذ علينا سبل التأمل ويسد علينا منافذ التفكير.
Page inconnue