Sophismes linguistiques : La troisième voie vers un nouvel arabe classique
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
Genres
وحسن فعل كما يجزى سنمار
يرى السبكي أن هذا قد يكون ضعفا في النثر، أما في لغة الشعر فالأمر يختلف: «لأن ضرورة الشعر كما تجيز ما ليس بجائز فقد تقوي ما هو ضعيف، فعلى البياني أن يعتبر ذلك، فربما كان الشيء فصيحا في الشعر غير فصيح في النثر.»
ومن يتأمل البيت المذكور يدرك صواب السبكي فيما ارتآه، فحين انصهرت مثل هذه «المجاوزة» في سبيكة الشعر لم نكد نحس أي نشوز أو اختلال، وربما أطربتنا المجاوزة ذاتها ووجدنا لها وقعا جماليا معينا. وجدير بالذكر أن الإضمار قبل الذكر لم يعد مستنكرا حتى في لغة النثر بعد أن وفد علينا بكثرة في الأساليب الأجنبية هذه الأيام.
18
لا لم تكن فكرة «الضرورة» إلا ضرورة النحاة أنفسهم في دراستهم وقد جبهتهم لغة الشعر بما لا يتفق مع قواعدهم. انظر إلى سيبويه نفسه كيف اغترب عن بيت عمر بين أبي ربيعة:
صددت فأطولت الصدود وقلما
وصال على طول الصدود يدوم
فقال: يحتمل الشعراء قبح الكلام حتى يضعوه في غير موضعه، وإنما الكلام «قلما يدوم وصال».
لم يوفق سيبويه في هذا المثال إلى تمييز الفرق الجوهري بين لغة النثر ولغة الشعر، فهذا الحيود في لغة البيت ليس قبحا وليس اضطرارا، وإنما هو طريقة للشعر في الصوغ والتركيب، أو هو «خاص بالشعر»، ولو أن البيت صيغ على غير ذلك لذهب ماؤه وزال موضع التعجب منه.
لم يحتمل العلماء فكرة وجود لغتين أو مستويين لغويين للفصحى: لغة النثر ولغة الشعر، بحيث يكون أغلب ما أسموه «ضرورة» هو، ببساطة، «خاص بالشعر». ولعل ابن فارس خير ممثل لاتجاه عامة النحاة إلى تخطئة الشعراء في خروجهم على المطرد والقياسي من القواعد. في رسالته «ذم الخطأ في الشعر» يذهب ابن فارس إلى أن الضرورة ضرب من الخطأ ومجانبة الصواب، فالشعراء عنده يخطئون كما يخطئ الناس ويغلطون كما يغلطون، وما جعل الله الشعراء معصومين يوقون الخطأ والغلط، فما صح من شعرهم فمقبول، وما أبته العربية وأصولها فمردود، ورأى ابن فارس أن كلام النحويين في هذا الباب إنما هو ضرب من التوجيه لخطأ الشعراء وتكلف التأويلات لأغلاطهم،
Page inconnue