89

Mufradat alfaẓ al-Qur'an

مفردات ألفاظ القرآن‌

Chercheur

صفوان عدنان الداودي

Maison d'édition

دار القلم

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٢ هـ

Lieu d'édition

الدار الشامية - دمشق بيروت

٣٨- فعل السريعة بادرت جدّادها ... قبل المساء تهمّ بالإسراع بتر البَتَر يقارب ما تقدّم، لكن يستعمل في قطع الذّنب، ثم أجري قطع العقب مجراه. فقيل: فلان أَبْتَر: إذا لم يكن له عقب يخلفه، ورجل أَبْتَر وأَبَاتِر: انقطع ذكره عن الخير ورجل أَبَاتِر: يقطع رحمه، وقيل على طريق التشبيه: خطبة بَتْرَاء لما لم يذكر فيها اسم الله تعالى. وذلك لقوله ﵇: «كلّ أمر لا يبدأ فيه بذكر الله فهو أبتر» «١» . وقوله تعالى: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ [الكوثر/ ٣] أي: المقطوع الذكر، وذلك أنهم زعموا أنّ محمدا ﷺ ينقطع ذكره إذا انقطع عمره لفقدان نسله، فنبّه تعالى أنّ الذي ينقطع ذكره هو الذي يشنؤه، فأمّا هو فكما وصفه الله تعالى بقوله: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ [الشرح/ ٤] وذلك لجعله أبا للمؤمنين، وتقييض من يراعيه ويراعي دينه الحق، وإلى هذا المعنى أشار أمير المؤمنين ﵁ بقوله: «العلماء باقون ما بقي الدّهر، أعيانهم مفقودة، وآثارهم في القلوب موجودة» «٢» هذا في العلماء الذين هم تبّاع النبي ﵊، فكيف هو وقد رفع الله ﷿ ذكره، وجعله خاتم الأنبياء عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام؟! بتل قال تعالى: وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا [المزمل/ ٨] أي: انقطع في العبادة وإخلاص النية انقطاعا يختص به، وإلى هذا المعنى أشار بقوله ﷿: قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ [الأنعام/ ٩١] وليس هذا منافيا لقوله ﵊: «لا رهبانية ولا تَبَتُّلَ في الإسلام» «٣» فإنّ التبتل هاهنا هو الانقطاع عن النكاح، ومنه قيل لمريم: العذراء البَتُول، أي: المنقطعة عن الرجال «٤»، والانقطاع عن النكاح والرغبة عنه محظور لقوله ﷿: وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ [النور/ ٣٢]،

(١) الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «كل كلام أو أمر ذي بال لا يفتح بذكر الله ﷿ فهو أبتر، أو قال: أقطع» أخرجه أحمد في المسند ٢/ ٣٥٩. وابن ماجة ١/ ٦١٠، وحسّنه النووي وابن الصلاح. (٢) انظر: شرح نهج البلاغة ٢/ ١٧٢. [.....] (٣) قال ابن حجر في الفتح: لم أره بهذا اللفظ، لكن في حديث سعد بن أبي وقاص عند الطبراني: «إنّ الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة»، وفي الحديث: نهى رسول الله عن التبتل أخرجه أحمد ١/ ١٧٥، وابن ماجة ١/ ٥٩٣. راجع فتح الباري ٩/ ١١١، وذكره السيوطي في الجامع الصغير بلفظ: «ولا ترهّب في الإسلام» ونسبه إلى عبد الرزاق عن طاوس مرسلا. راجع شرح السنة ٢/ ٣٧١، وذكره البغوي ولم يعزه. (٤) راجع المجمل ١/ ١١٥، والغريبين ١/ ١٣٢، واللسان (بتل) .

1 / 107