وأما الثالث الذي يحيط علما بدلالات النجوم عليه ويعلم كمية وكيفية الشيء المدلول عليه فهو دلالاتها على معرفة الأجناس والأنواع الموجودة وعلى حالات الأركان الأربعة التي هي النار والهواء والماء والأرض وتغييرها وعلى ابتداء كون كل شخص وفساده وحالاته وكيفياته التي يمكن معرفة مثلها من ظاهر قوى حركات الكواكب فهذا قصد صاحب هذه الصناعة
ولاختصر قولي أقول إن للكواكب حالات وحركات وقوى مختلفة ولكل حال منها دلالة على شيء من الأشياء ئلا إلا أن بعض دلائلها تكون ظاهرة على أشياء يمكن وجودها والإحاطة بها وبعضها تكون لطيفة بعيدة على أشياء غامضة لا يمكننا معرفتها ولا الإخبار عنها فما كان من دلائل الكواكب لطيفة بعيدة على أشياء غامضة لا يمكننا معرفتها للطافتها وغموضها فليست بنا حاجة إلى معرفتها في هذه الصناعة وإنما يستعمل في هذه الصناعة من دلالات الكواكب ما يمكننا معرفتها ووجودها والإخبار عنها وعن الأشياء المدلول عليها وقياس ذلك أنا نعلم أن بتحو يل الشمس في أرباع الفلك يكون انتقال الزمان من طبيعة إلى أخرى وأن بسيرها في كل برج وفي كل درجة يتغير الزمان من حال إلى حال وكيفية ذلك التغيير في الزمان ظاهر وعلم دلالاتها على ما ذكرنا من تغيير الزمان معلوم موجود
Page 238