الصنف الثاني وأما الصنف الثاني فإنهم ذكروا أن للكواكب دلالات على الأشياء الكلية كالأركان الأربعة التي هي النار والهواء والماء والأرض وعلى استحالة بعضها إلى بعض وعلى الأجناس والأنواع الكلية كدلالاتها في معنى الجنس على الحي العامي الذي يقال على كل جسم من الأجسام الذي له الحياة وكما يدل في معنى النوع على الإنسان والفرس والحمار وسائر الأنواع العامية فزعموا أنها إنما تدل على الأركان الأربعة واستحالة بعضها إلى بعض وانتقالها من حال إلى حال وعلى الأجناس والأنواع الكلية فإنها لا تدل على الأشخاص الوحدانيات التي تكون من هذه الأركان الأربعة كسعيد وخالد وفرس واحد وحمار واحد ولا تدل على أجزاء الأشخاص أيضا كالرأس واليد والرجل وسائر الأعضاء ولا على حالاتها كالقيام والقعود والمرض والصحة وسائر الحالات المختلفة الكلية والجزئية التي لكل شخص من أشخاص العالم
فرددنا عليهم قولهم بحجتين إحداهما أن الأصل المتفق عليه عند الفلاسفة أن كل شخص في هذا العالم من الأشخاص الطبيعية هو مركب من الأركان الأربعة التي هي النار والهواء والماء والأرض لأن هذه الأركان موجودة في كل شخص في هذا العالم وأن البارئ جعل الأجناس والأنواع هي الفاعلة في هذه الأركان بعلة حركات الكواكب عليها لأن كل شخص يكون أو يفسد في هذا العالم فإنما يكون بحركة الأركان وانتقال بعضها إلى بعض وعن حركة الشمس والكواكب عليها تنفعل فيها تلك الحركة التي هي الانتقال والاستحالة فالكواكب إذا هي علة لحركات هذه الأركان ولاستحالة بعضها إلى بعض ولها الدلالة على الأجناس والأنواع كما زعموا فهي إذا علة الكون والفساد اللذين يكونان من هذه الأركان بإذن الله ولأن الجنس والنوع والأركان الأربعة والكون والفساد موجود في كل شخص من الأشخاص والكواكب دالة على الأجناس والأنواع وعلى الأركان الأربعة واستحالة بعضها إلى بعض وعلى الحركات التي هي ابتداء الكون والفساد فالكواكب إذا دالة على الأشخاص المفردة وإذ دلت على الأشخاص المفردة فهي دالة على أجزاء الأشخاص وعلى حالاتها أيضا
Page 108