25

Grand Introduction

Genres

وقد ظن قوم أن المفعول عن غيره والمنفعل عن غيره واحد وأنه لا ينفعل في الشيء عن غيره الحركة والتغيير وهو منه على بعد معلوم وقد غلط هؤلاء لأن الأشياء في هذا المعنى على ثلاث جهات إحداها فعل الشيء والثاني المفعول عن الشيء والثالث المنفعل عن الشيء فأما فعل الشيء فهو على جهتين إحداهما بالإرادة وهو ما يفعل الإنسان بإرادته من الحركة والقيام والقعود والأخرى بطبيعته وهو كفعل النار الإحراق بطبيعتها لبعض الأجسام القابلة للإحراق وأما المفعول عن غيره فهو على جهتين أيضا إحداهما بالإرادة وهو كالحائط المبني والباب المنجور والخط المكتوب فإن هذه مفعولات بحركة الإنسان عن إرادته والثانية بطبيعته وهو كالمحرق بالنار فإن المحرق بها مفعول عن فعلها فيه بطبيعتها فأما المنفعل عن غيره فهو على خلاف هاتين الجهتين وهو ما يحدث في الشيء عن غيره من الحركة والتغيير وهو منه على بعد معلوم وذلك كانفعال حمرة الخجل من الخجل وصفرة الفزع من الفزع وكما ينفعل عن غناء المغني الحاذق بالنغم في الإنسان حركة النفس والأعضاء وفي العاشق عند رؤيته المعشوق الحركة والرعدة والدهش والحيرة وفي المعشوق إذا رأى عاشقه الخجل وكانفعال الحركة والانجذاب في الحديد من حجر المغناطيس فهذا وكثير من هذا الجنس قد ينفعل في كل واحد منها عن غيره حركات مختلفة لاختلاف أسبابها وهو منه على بعد معلوم ثم تنفعل عن تلك الحركات المختلفة في أشخاص الإنسان كيفيات مختلفة على قدر اختلاف تلك الحركات واختلاف حال الأشخاص القابلات لها

وكذلك كل كوكب من الكواكب إذا تحرك على هذا العالم حركة طبيعية فإنه ينفعل عن حركته الطبيعية في هذه الأركان الأربعة الحركات والتغيير الطبيعي الذي به تتكيف وتمازج بعضها بعضا بحال تكون من ذلك التكييف والممازجة في أشخاص الأنواع المختلفة بما في كل شخص من الكيفيات المختلفة مما ليس في غيره من شخص ذلك النوع وإنما يكون اختلاف الأشخاص وكيفياتها على قدر حركة الكواكب وعلى قدر قبول هذه المنفعلات منها

Page 88